حكمة و دهاء الأعراب

هبة زووم ـ ليلى البصري
كان هناك رجل لديه ثلاثة أولاد كلهم يحملون اسم عبدالله!
و عندما كان الرجل على فراش الموت قال موصيا: عبد الله يرث و عبد الله لايرث و عبد الله يرث!
ثم قبضت روحه و مات تاركا أبناءه في حيرة من أمرهم، إذ كيف سيحلون هذه المعضلة!؟؟
فاتفقوا على الذهاب الى قاضي المدينة.

مضى الثلاثة في طريقهم واذا بهم يروا رجلا حائرا يبحث عن شيئ ما.. أوقفوه و سألوه:
ماذا بك أيها الرجل؟
فقال: “لي ناقة تاهت مني و لا أعلم أين هي؟ هل رأيتموها في طريقك؟
قال عبد الله الأول: هل بعيرك أعور؟
قال الرجل: نعم نعم…!
قال عبد الله الثاني: هل بعيرك أعرج؟
قال الرجل : نعم نعم
قال عبد الله الثالث: هل بعيرك مقطوع الذنب؟
قال الرجل و قد استبشر خيراً: نعم… لقد رأيتموها إذن! أين هي؟؟
قال الثلاثة: لا و الله ما رأيناها!

جن جنون الرجل و قرر أن يصطحب الثلاثة إلى القاضي ليشتكيهم اليه… فهو متأكد انهم قد سرقوا ناقته بعد ما أعطوه المثير من أوصافها!

لم يعترض الأخوة على الأمر بل قالوا: نحن ذاهبون لقضاء أمر عند ذاك القاضي فهلم بِنَا…

وصل الأربعة عند القاضي فقص عليه الرجل صاحب الناقة القصة فقال القاضي: ان ماوصفتم به الناقة انما يدل على أنكم رأيتموها… هلا اعترفتم؟؟

قال الأول: لا والله ياسيدي مارأينها و لكننا رأينا أثرها، فعندما قلت أنها عوراء ذلك لأنني لاحظت أن العشب في المكان الذي مرت به قد أٰكل من ناحية واحدة… و هذا دليل على أنها لاترى إلا بعين واحدة.

قال الثاني: و لما قلت أنها عرجاء… فذلك لأن أحد أثار أقدامها أعمق من الأخر و هذا دليل عجز في احدى رجليها!

قال الثالث: و لما قلت أنها مقطوعة الذنب… فلأنني وجدت بعرها قد تكتل بشكل كتل و العادة أن تحرك الناقة ذيلها لتنثر بعرها يمينا و يسار… و هذا يعني أن ذنب هذه الناقة مقطوع!

نظر القاضي إلى الرجل و قال: اذهب يارجل فوالله ماوجدوا ناقتك قط! ثم إلتفت الى الأخوة ليأذن لهم بالانصراف، لكنهم اخبروه بقصتهم التي اثارت فضوله و دهشته و قرر أن يبقيهم في ضيافته إلى الغد ريثما يفكر بحل لها..

توجه الأخوة إلى دار الضيافة لقضاء الليلة، وأحسوا بأن أحدا ما يراقبهم و بعد قليل و صلهم الطعام وهو عبارة عن لحم و خبز…
فقال الأول: إن هذا اللحم لحم كلب!!
و قال الثاني: هذا الخبز خبزته امرأة في الشهر التاسع من حملها!
و قال الثالث: و هذا القاضي ابن حرام!

وصل الخبر إلى القاضي .. فجمعهم في اليوم التالي ..
القاضي : من قال منكم أن اللحم لحم كلب؟
فقال الأول: أنا ..

سأل القاضي الطباخ هل فعلا هذا اللحم لحم كلب: فقال الطباخ لم يبقى لدينا لحم فقدمنا هذا اللحم و هو فعلا لحم كلبنا…!
سأل القاضي عبد الله الأول: قلي يارجل كيف عرفت أنه لحم كلب؟
فأجاب: لحم الإبل و الغنم و غيرها يكون اللحم فوق العظم ثم يليه الشحم، اما هذا فكان الشحم فوق العظم ثم يليه اللحم.
فصرخ القاضي: أن ترث من مال أبيك… ثم أضاف: من قال منكم أن الخبز قد خبزته امرأة في شهر حملها التاسع؟
فقال الثاني: أنا ..

سأل القاضي عن الأمر فتبين فعلا أن من خبز الخبز امرأة حامل في شهرها التاسع سأل القاضي عبد الله الثاني: كيف عرفت عن هذا الخبز و من خبزه؟
قال: رأيت الخبز منفوخا من جهة و مستويا في أخرى فتأكدت من علو النفخة أن صاحبته لم تكن تستطيع تحريكه و تقليبه فوق الموقد كما ينبغي لأن هناك شيئا يعيقها وهو بطنها الكبير من الحمل!
فصرخ القاضي: و أنت ترث من مال ابيك ثم أضاف من قال منكم انني إبن حرام؟
فقال الثالث: أنا …
سأل القاضي أمه عن المسألة وأقرت بأنه ابن حرام!
سأل القاضي عبد الله الثالث: و كيف عرفت أنني ابن حرام؟؟
فقال الثالث: لو كنت ابن حلال ما أرسلت لنا عينا لتراقبنا و لا لحم كلب نأكله و لا خبزا غير ناضج…
فصرخ القاضي: أنت لاترث شيئا
قال الثالث: و لماذا ؟؟؟؟؟
قال القاضي: لأنه لايعرف إبن الحرام إلا إبن الحرام مثله!
وفعلا ذهب الأول و الثاني إلى أمهما و أقرت بأن الثالث اتى به والدهما من أمام باب المسجد و رباه و سماه عبد الله.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد