هبة زووم ـ ليلى البصري
يحكى أنه كان هناك أمير يحكم إمارة وكان لديه حكيم ذكي .. و كان هذا الأمير يحلم بأن يبقى دوماً شاباً قوياً و الا تصيبه الشيخوخة… فطلب من حكيم لديه أن يأتيه بدواء يطيل العمر و يبعد شبح الشيخوخة… و وعده بأجزل العطاء إن جاء له بطلبه.
فذهب الحكيم يبحث في المدن والقرى عن دواء يطيل العمر و يبقي الإنسان شابا.
حتى مَرَّ بقرية و سأل أهلها عن عشبة أو أكلة تطيل العمر، فنصحه أهل تلك القرية أن يذهب إلى أعلى الجبل حيث يسكن أخوان ربما يجد عندهما ما يبحث عنه.
ذهب الحكيم إلى حيث يعيش هذان الأخوان و وصل إلى هناك قبل الغروب بقليل.
كان البيت الأول صغيراً و الأشياء من حوله مبعثرة، و أمام باب البيت جلس رجل عجوز هرم… سلم عليه الحكيم فرد عليه العجوز السلام ورحب به. ثم طلب الحكيم من العجوز أن يسمح له بالمبيت عنده حتى الغد.
و قبل أن يتكلم العجوز جاء صوت من داخل البيت فإذا هي زوجته تقول: ليس لدينا مكان للضيوف !! ابحث لك عن مكان آخر …
فطأطأ العجوز رأسه و تأسف من الحكيم.
توجه الحكيم إلى البيت الآخر فإذا هو بيت في غاية الجمال و النظافة و الترتيب و تحيط به أنواع الزهور و النباتات الجميلة بالإضافة إلى أصوات الطيور و البلابل. و إذا بشاب جميل الوجه و المظهر ينتظره و يرحب به و نادى على زوجته أن لدينا ضيف اليوم، فرحبت الزوجة بالحكيم أجمل ترحيب.
في اليوم الثاني أفصح الحكيم للرجل عن سبب زيارته لهم و سأله لماذا أنت في صحة و شباب بينما أخوك الأكبر قد شاب و هرم .
فضحك الرجل و قال له أنت: مخطيء، هو أخي الصغير و أنا أكبر منه بعشرين سنة!!
تعجب الحكيم وزاد و لعه لإكتشاف سر بقاء الرجل في مرحلة الشباب و طلب معرفة ذلك السر مقابل أي شيء يطلبه، فوعده الرجل بذلك و لكن بعد أن يتناولا الغذاء.
أثناء الغذاء، قدم الرجل و زوجته أفضل ما لديهما من الطعام ثم جلسا تحت شجرة تطل على الوادي، و طلب الرجل من زوجته أن تذهب إلى بستانهم الذي يقع أسفل الوادي و أن تحضر لهم بطيخة.
فذهبت الزوجة.. و بعد ساعة جاءت ببطيخة… نظر زوجها إلى البطيخة و أخذ يضرب عليها بكف يديه، ثم قال لزوجته: لا يا زوجتي العزيزة!! أرجو أن ترجعي هذه البطيخة و تأتي لنا بواحدة أخرى.
فقالت الزوجة: سآتي بغيرها حالاً
ذهبت الزوجة إلى أسفل الوادي و عادت ببطيخة أخرى… و لكن الزوج لم يقتنع و أرسل زوجته مرة ثانية و ذهبت الزوجة بكل رحابة صدر و نزلت إلى الوادي و جاءت ببطيخة اخرى؛ وفي هذه المرة و بعد أن تفحص الزوج البطيخة فتحها وأكلوا منها.
أعاد الحكيم السؤال و طلب معرفة الأكلة أو العشبة التي تحافظ على الشباب، فأجابه الرجل إنها ليست أكلة أو عشبة بل السر في صحتي و شبابي هي زوجتي !!! منذ أن تزوجتها لم أجد منها غير الحب و الرحمة و الحنان و الإحترام و التقدير …
هل تعلم يا حكيم أنه لم تكن في بستاني غير بطيخة واحدة و أنها نزلت إلى الوادي ثلاث مرات و كانت في كل مرة تأتي لنا بتلك البطيخة نفسها و لكنها لم تمتعض أو تبدي أي علامة تنقص من شأني أمامك؟؟
تعجب الحكيم من هذه المرأة وأيقن أن السعادة و راحة البال و الصحة و الشباب تصنعها الزوجة بمحبتها و عطفها و اهتمامها و بعدها عن النكد و العناد و القيل و القال… و ليست الأدوية و الأعشاب.