بائعة السمن

هبة زووم ـ ليلى البصري
كان رجل، عرف عنه الكبر والتكبر، يتجول في السوق وعليه من حسن الهيئة والزهو ما لا يعلمه إلا الله فمرت به امرأة تبيع السمن فقال لها ماذا تبيعين يا امرأة؟
فردت بإحترام: أبيع سمنا يا سيدي.
فقال لها: أرني.
وعندما أرادت أن تنزل جرة السمن من فوق رأسها إنزلق منها بعض السمن على ثيابه، فغضب الرجل غضبا شديدا وقال لها: لن أبرح الأرض حتى تعطيني ثمن الثوب.

بدأت المرأة المسكينة تستعطفه وتقول له: خل عني يا سيدي فأنا امرأة مسكينة.
فما زاده استعطافها سوى تكبرا وتعنتا وطغيانا ثم أصر قائلا: لن أبرح الأرض حتى تعطيني ثمن الثوب.
فسألته: وكم ثمن الثوب؟
قال: ألف درهم.
فقالت له: أنا امرأة فقيرة فمن أين لي بألف درهم؟!
قال لها: لا شأن لي بذلك المهم عندي أن تعطيني ثمن الثوب.
فقالت له: إرحمني يا سيدي ولا تفضحني.

وبينما هو يتهدد بائعة السمن ويتوعدها إذ أقبل عليه مشاب فقال لها: ما شأنك يا امرأة؟
فقصت عليه ماجرى بينها وبين الرجل.
فقال الشاب: أنا ادفع ثمن الثوب فأخرج ألف درهم.
فعدها الرجل المتكبر وقبل أن يبرح المكان قال له الشاب على رسلك أيها الرجل.
فرد عليه ذلك المتكبر متسائلا: ماذا تريد؟
فقال له: هل أخذت ثمن الثوب؟
قال: نعم.
فقال له الشاب: فأين الثوب إذا؟
قال: ولم!؟
قال الشاب: قدأعطيناك ثمنه فأعطنا الثوب.
قال الرجل المتكبر: وأسير عاريا!؟
قال الشاب: لاشأن لي ذلك شأنك.

قال الرجل المتكبر: وإن لم أعطك الثوب؟
قال: تعطينا الثمن.
قال الرجل المتكبر: الألف درهم؟
قال الشاب: كلا بل الثمن الذي نطلبه؟!
فقال الرجل المتكبر: لقد دفعت لي ألف درهم.
فقال الشاب: لاشأن لك بما دفعت.
فقال له الرجل: وكم تريد؟!
قال الشاب: ألفي درهم.

فقال له المتكبر: هذ اكثير.
قال الشاب: إذن فأعطنا ثوبنا.
قال الرجل: أتريد أن تفضحني؟!
قال الشاب: كما كنت تريد أن تفضح المرأة المسكينة!
فقال الرجل المتكبر: هذا ظلم.
قال الشاب: الآن تتكلم عن الظلم.
فخجل الرجل المتكبر وأعاد المال للشاب وعفى عن المرأة.
وتلك اللحظة أعلن الشاب والناس مجتمعون يشاهدون الواقعة أن المال هدية للمرأة المسكينة.

إدارة النزاعات تتطلب حكمة وتضحية والحياة ليست بالكبر والتعالي.
لاتأسف على إحترامك وخدمتك وطيبتك للناس.
ولاتحزن إذا لم يقدر أحد طيبتك فالعصافير تغرد كل يوم ولا أحد يشكرها ومع هذا فإنها تستمر بالتغريد.
نظرة الناس لك تختلف فهناك من يراك سيئا وآخر يراك جيدا وآخر يراك رائعا وآخر لا يراك شيئا مطلقا ووحده الله تعالى من يراك على حقيقتك… فإجعل الله تعالی هو همك ومرادك ومقصدك.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد