هبة زووم – إلياس الراشدي
يشهد تدبير الشأن المحلي بمدينة الدار البيضاء منذ سنوات نقاشًا محتدمًا حول فعالية الآليات الرقابية وجودة الحكامة المالية، في ظل ما توصف بأنها اختلالات بنيوية أثّرت سلبًا على التنمية الحضرية والخدمات الأساسية.
فالتقارير المتداولة عن وضعية الجماعة تكشف أن الأمر لم يعد يقتصر على أخطاء عادية أو سوء تدبير ظرفي، بل يمتد أحيانًا إلى ممارسات قد ترقى إلى مستوى الجرائم المالية، وفق ما تؤكده مصادر مهتمة بالشأن المحلي، مشيرة إلى أنّ “الأصل في التدبير المالي للجماعة هو العلل والنواقص”، ما ينعكس في صورة عجز عن ضبط الميزانيات وترشيد النفقات.
في هذا السياق، تُوجَّه انتقادات متزايدة إلى عمدة المدينة نبيلة الرميلي، التي تولّت قيادة المجلس منذ أزيد من أربع سنوات. المنتقدون يرون أنها أخفقت في تنزيل وعودها الانتخابية وتفعيل برامج إصلاحية شاملة، معتبرين أن تسيير العاصمة الاقتصادية ما زال بعيدًا عن مستوى تطلعات سكانها.
في حين يذهب آخرون إلى أنّ الرميلي نجحت في المحافظة على توازن فريقها المسير، عبر توزيع المسؤوليات على بعض نوابها، ما أتاح لها هامشًا من المناورة داخل مجلس يهيمن عليه التباين السياسي والمصالح المتقاطعة.
ويرى خبراء في الحكامة الترابية أن الأزمة المالية الراهنة للجماعة تعكس ضعف البنية الرقابية، سواء داخل المجلس أو من طرف أجهزة المراقبة الخارجية، وهو ما يسمح بانتشار مظاهر الهدر وسوء توجيه الاعتمادات، ويجعل النقاش العمومي حول حاضر ومستقبل الدار البيضاء أمرًا ملحًا.
فالعاصمة الاقتصادية، التي تمثل رافعة وطنية للاستثمار والشغل، تحتاج، بحسب هؤلاء، إلى مقاربة جديدة تضع الشفافية والتدبير القائم على النتائج في صلب أولوياتها، بعيدًا عن الحسابات الضيقة أو الشخصنة.
إنّ ما يعيشه المجلس الجماعي اليوم يفرض انفتاحًا على آراء مختلف الفاعلين: منتخبين، مجتمع مدني، خبراء، وعموم المواطنين، قصد بلورة رؤية تشاركية قادرة على تجاوز أعطاب الماضي، وتحصين مالية الجماعة من الانزلاقات، بما يُعيد للدار البيضاء مكانتها كقاطرة للتنمية ويعزز ثقة البيضاويين في مؤسساتهم المحلية.

تعليقات الزوار