المجلس العلمي الأعلى يصدر فتوى شاملة حول الزكاة ويضعها رهن إشارة العموم

هبة زووم – الرباط
في خطوة تعبّر عن عناية أمير المؤمنين الملك محمد السادس بالشأن الديني وتجديد الفقه الإسلامي بما ينسجم مع متطلبات الزمن الراهن، أعلن المجلس العلمي الأعلى، اليوم الجمعة، عن نشر الفتوى الرسمية الخاصة بالزكاة، بعد أن تفضل جلالته بالاطلاع عليها وأذن بوضعها رهن إشارة العموم.
وجاء الإعلان الرسمي عبر الموقعين الإلكترونيين للمجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث أوضح المجلس أن الهدف من نشر هذه الفتوى هو البيان والتبليغ والتذكير، وهو من صميم رسالة العلماء في خدمة الدين والمجتمع.
وأكد المجلس في تقديمه للفتوى أن معظم الأحكام الواردة فيها تستند إلى المذهب المالكي، مع الانفتاح على الاجتهاد الرصين في القضايا المستجدة، بما يحقق مقاصد الزكاة في العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
توسيع مفهوم الزكاة وتكييفها مع الاقتصاد الحديث
تميّزت هذه الفتوى بكونها أول اجتهاد مؤسسي شامل يتناول الزكاة في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة، إذ لم تعد مقتصرة على الأموال التقليدية المعهودة، مثل الحبوب والأنعام، بل توسعت لتشمل المنتجات الفلاحية غير الحبوب، والأنشطة التجارية، والقطاع الصناعي، والخدمات الحديثة، في تكييف فقهي يعكس وعي المؤسسة الدينية بتغير طبيعة الثروة ومصادر الدخل في العصر الحديث.
كما حددت الفتوى أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة، وبيّنت النصاب الأدنى المعتمد على مرجع الفضة، مع ترك الحرية لمن يرغب في اعتماد الذهب، إضافة إلى تحديد موعد وجوب إخراج الزكاة والفئات الاجتماعية التي يحق لها الاستفادة منها.
ولاحظ المجلس أن صنفين من المستفيدين الذين ذُكروا في النصوص القديمة، وهما “القائمون عليها” و”في الرقاب”، لم يعودا واردين في السياق الراهن، انسجامًا مع تطور الأوضاع القانونية والاجتماعية.
زكاة بروح معاصرة.. ودولة تُجدد خطابها الديني
وفي بادرة تفاعلية غير مسبوقة، أعلن المجلس العلمي الأعلى عن فتح بوابة إلكترونية للأسئلة والاستفسارات الخاصة بالزكاة، تتيح للمواطنين طرح تساؤلاتهم حول الحالات الجديدة الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية الحديثة، في خطوة تعزز التواصل بين العلماء والمجتمع، وتقرّب الفهم الصحيح لأحكام الدين.
ووصف المجلس هذه الفتوى بأنها معتدلة وتنم عن اجتهاد مسؤول، مشددًا على أن الهدف منها هو حماية الدين وتوضيح مقاصده الكبرى في التضامن والتكافل، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الإكراه أو التعقيد.
إن نشر هذه الفتوى بتعليمات ملكية سامية يؤكد أن إصلاح الشأن الديني بالمغرب لا يقتصر على المؤسسات، بل يقوم على تجديد الفهم الديني بما يخدم الإنسان والمجتمع، ويجعل من الزكاة — الركن الثالث في الإسلام — أداة فاعلة للعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
وبذلك، يواصل المغرب، بقيادة أمير المؤمنين الملك محمد السادس، ترسيخ إسلام وسطي متجدد، يوازن بين الثوابت الشرعية وروح العصر، ويضع الدين في خدمة الإنسان، لا العكس.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد