الرشيدية.. إقليم منكوب سياسياً بين فراغ التمثيلية وسطوة “صاحب اللعبة”

هبة زووم – محمد خطاري
في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون السياسة آلية نبيلة لخدمة المواطن ورسم مستقبل أفضل، تعيش مدينة الرشيدية حالة من العطب السياسي المزمن، حيث يغيب صوت ممثلي الأمة، ويهيمن منطق المصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة.
فالمدينة، التي تختزل فيها السياسة في شعارات انتخابية فارغة ووعود لا تجد طريقها إلى التنفيذ، باتت مسرحاً لمشهد عبثي يثير الاستياء أكثر مما يثير الأمل.
هنا، تتحول الممارسة السياسية إلى ما يشبه “بازاراً انتخابياً”، يعلو فيه الصراخ وتكثر فيه المساومات، فيما المواطن البسيط لا يجني سوى الإحباط وفقدان الثقة.
الأخطر من ذلك أن هذا الواقع أفرز فراغاً أخلاقياً قاتلاً: شباب فقدوا الرغبة في الانخراط الجاد بالعمل السياسي بعدما رأوا أن الطريق نحو القرار لا يمر عبر الكفاءة أو الالتزام، بل عبر القدرة على توزيع الوعود الوهمية أو إتقان لعبة المصالح العابرة.
وبينما يطل بعض المنتخبين أمام الكاميرات لتقديم دروس في الوطنية والشفافية، يدرك المواطن أن جزءاً منهم أكثر انشغالاً بتدبير مصالح تجارية ضيقة من الانكباب على الدفاع عن قضايا الدستور والتنمية المحلية.
غير أن ما يضاعف من مأساوية المشهد هو ما يصفه متتبعون بوجود “خيوط اللعبة” في يد شخص واحد، يمارس هيمنة غير معلنة عبر سياسة الشيكات والولاءات، ضامناً ولاء المنتخبين على مختلف المستويات، من الجماعات المحلية إلى مجلس الجهة، وصولاً إلى قبة البرلمان.
الأغرب أن هذا “اللاعب الرئيسي”، الذي يفتقر حتى إلى أبسط مقومات الثقافة السياسية، بات يقدّم نفسه منظراً ومرجعاً في تسيير الشأن العام، في مفارقة تكشف حجم التردي الذي بلغه المشهد السياسي بالإقليم.
إن الخطر الحقيقي، كما يصفه مراقبون، لا يكمن فقط في منتخبين يبيعون الوهم، بل في منظومة متهالكة تشرعن الميوعة السياسية وتفرغ التمثيلية من مضمونها، لتترك المواطن مجرد متفرج على مسرحية هزلية، دُفع إليها مرغماً ودفع ثمن تذكرتها دون أن يضحك.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد