هبة زووم – أزيلال
تعيش جماعة تامدة نومرصيد، التابعة ترابيا لإقليم أزيلال، واحدة من أكثر فترات الركود التنموي وضوحاً، في مشهد يختزل واقع العديد من الجماعات القروية التي توقفت فيها عقارب الزمن عند حدود الوعود الانتخابية الأولى، تلك التي كانت تُطلق بحماسة وتعلّق عليها آمال الناس، قبل أن تتبخر مع أول اختبار حقيقي على الأرض.
فالطريق لا تزال محفّرة، والمشاريع مؤجلة، والخدمات غائبة تنتظر من يوقظها من سباتها. لكن المدهش والموجع في الآن ذاته، أن بعض المنتخبين الذين يفترض فيهم قيادة الإصلاح والعناية بالشأن العام، عاجزون حتى عن تعبيد الطرق المؤدية إلى بيوتهم الخاصة! فكيف لمن لا يُصلح محيطه أن يُصلح جماعة بأكملها؟
وعود التنمية في مقابل واقع الإهمال
تُرفع شعارات التنمية والتأهيل العمراني في كل موسم انتخابي، غير أن الواقع يروي حكاية أخرى: مشاريع متعثرة، ومرافق متهالكة، وطرقات تتحول إلى مصائد في فصل الشتاء.
بينما تتجه ميزانيات الجماعة نحو أنشطة ومهرجانات احتفالية لا تترك خلفها سوى صخبٍ مؤقت وصورٍ تذكارية تُستثمر إعلامياً لتلميع الواجهة.
أي منطق يُبرر أن تُهدر أموال الجماعة في الترفيه بينما تعاني الساكنة من العزلة وغياب أبسط البنيات التحتية؟ هل التنمية تقاس بعدد المهرجانات أم بعدد الكيلومترات من الطرق المعبدة والإنارات المنجزة؟
أزمة رؤية لا أزمة موارد
ما يجري في تامدة نومرصيد ليس مجرد سوء تدبير مالي أو إداري، بل هو انعكاس لأزمة أعمق تتجلى في غياب الرؤية وضعف الإرادة السياسية لدى المسؤولين المحليين.
فحين يتحول الكرسي إلى غاية، وتُختزل المصلحة العامة في الحسابات الضيقة، تكون النتيجة مجلساً عاجزاً عن ترتيب بيته الداخلي قبل أن يطمح إلى بناء بيت الجماعة.
الساكنة التي منحت ثقتها يوماً على أمل التغيير بدأت اليوم تدرك أن الفارق كبير بين الخطاب والإنجاز، وأن من لا يملك الجرأة على مواجهة الإهمال اليومي، لن يملك القدرة على قيادة تنمية حقيقية.
طريق المنتخبين.. مرآة الفشل الجماعي
تحولت الطرق المؤدية إلى منازل بعض المنتخبين إلى رمز مجسد للفشل السياسي المحلي، وكأن الطبيعة نفسها تُذكّرهم كل يوم بما لم ينجزوه. المفارقة الساخرة أن المجلس الذي لم يستطع إصلاح طريقه الخاصة، ما زال يتحدث عن التنمية الشاملة وتعبيد المسالك القروية!
نعم، للناس حق في المهرجانات والترفيه، لكن الأولويات واضحة: الماء، الطريق، الإنارة، الصحة، والتعليم. تلك هي الأساسات التي تُبنى عليها الكرامة، لا على صور الإبهار العابر.
بين الغفلة والمسؤولية
تامدة نومرصيد لا تحتاج إلى شعارات جديدة، بل إلى ضمائر يقظة وإرادة إصلاح حقيقية. فالتاريخ لا يرحم العاجزين الذين استبدلوا البناء بالاستعراض، وتركوا الجماعة تغرق في فوضى الإهمال والتسيب.
لقد آن الأوان ليدرك المنتخبون أن التنمية ليست ترفاً سياسياً، بل مسؤولية أخلاقية أمام الناس والتاريخ على حد سواء. ومن عجز عن تعبيد طريقه، لن يعبد طريق الناس نحو الكرامة.
تعليقات الزوار