هبة زووم – الرشيدية
أثارت زيارة الوزيرة نعيمة بن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، إلى مدينة الراشيدية، موجة استياء واسعة في صفوف نساء المدينة وفعالياتها الجمعوية، بعدما تحوّلت الزيارة التي كان يُفترض أن تكون مناسبة للإنصات إلى المرأة الفيلالية، إلى عرض سياسي انتخابي مبكّر لا يمتّ بصلة لجوهر القضايا الاجتماعية التي تعاني منها المنطقة.
فقد عبّر عدد من الحضور عن خيبة أملهم الكبيرة من سلوك الوزيرة التي تركت النسوة المنتظرات وذهبت رفقة الوالي زنبير لتناول الغداء، دون أن تمنح لهن شرف الجلوس معها في وجبة الغطاء، وتحويل الجلسة إلى لحظة استماع أو تفاعل رمزي مع معاناتهن اليومية.
مشهد وُصف بأنه إهانة صريحة لكرامة نساء الراشيدية، وتجسيد لذهنية النخبة التي تتعامل مع المواطنات بعقلية الوصاية والتعالي، بدل مقاربة الإنصات والمشاركة.
لكن ما أثار الغضب أكثر، هو ما كشفته مصادر محلية من أن الزيارة لم يكن هدفها الاجتماعي كما تم الترويج له، بل كانت تخفي خلفها أجندة سياسية واضحة.
فحسب المعطيات المتداولة، جاءت هذه الزيارة في سياق تحركات انتخابية سابقة لأوانها، تروم تغليب كفة اسم استقلالي بعينه في خضم حرب المواقع التي بدأت مبكرًا داخل حزب علال الفاسي استعدادًا لانتخابات 2026، حيث يسعى كل طرف إلى ضمان تزكية الحزب في الاستحقاقات البرلمانية المقبلة.
وبينما كانت نساء الرشيدية ينتظرن إشارات دعم وتمكين من مسؤولة حكومية يفترض أنها جاءت لتقوية حضور المرأة في الفضاء العمومي، وجدْن أنفسهن أمام مشهد بروتوكولي فارغ المضمون، تحكمه الحسابات الانتخابية والمصالح الضيقة، وهو ما زاد من الشعور بالخذلان لدى نساء الجهة اللواتي يواجهن أصعب الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المغرب الشرقي.
لقد تحوّلت الزيارة من فرصة للحوار والتنمية، إلى رمز لغياب الرؤية السياسية الصادقة، في وقت ما تزال فيه الرشيدية تعيش على وقع تهميش مزمن، وغياب العدالة المجالية، وانسداد أفق التشغيل، خصوصًا لدى النساء والشباب.
إن استغلال العمل الحكومي في حملات انتخابية مقنّعة لا يسيء فقط لصورة الفاعل السياسي، بل يضرب في العمق الثقة المتبقية لدى المواطنين في المؤسسات.
فبدل أن تكون وزارة التضامن صوت الفئات الهشة، تحوّلت، في هذه الواقعة، إلى أداة لتصفية الحسابات داخل حزب الاستقلال، في مشهد يؤكد أن المرأة الفيلالية لم تُسمع، بل استُعملت كواجهة في صراع انتخابي مبكّر.
لقد باتت الرشيدية اليوم تقف عند مفترق طرق: إما أن يُفتح المجال أمام تنمية عادلة تُنصف الإنسان قبل الحجر، وإما أن يستمر النهج القديم القائم على الوعود الفارغة والاستعراضات الإعلامية، وهو ما سيعمّق الهوة بين المواطن والدولة، ويُغذّي الإحباط الجماعي وفقدان الثقة في المؤسسات.
في النهاية، يحق لنساء الراشيدية أن يتساءلن بمرارة: هل جاءت الوزيرة لتستمع إليهن.. أم لتضحك على ذقونهن؟
تعليقات الزوار