محسن بوكيلي – شفشاون
تعيش مدينة شفشاون على وقع احتقان اجتماعي غير مسبوق منذ انطلاق عمل الشركة الجهوية المتعددة الخدمات، بعدما تفاجأ السكان بارتفاع صاروخي في فواتير الكهرباء خلال الشهرين الأولين من نشاطها.
مبالغ غير مفهومة وُصفت بـ“الخيالية” فجّرت غضب الأسر، وطرحت أكثر من سؤال حول شفافية التدبير ومصداقية الفوترة في المدينة الزرقاء.
فبينما كانت الساكنة تأمل أن يكون دخول الشركة الجديدة بداية لتحسين الخدمات وتجويد التواصل مع الزبائن، تحولت الآمال سريعاً إلى خيبة أمل جماعية، بعدما صارت الفواتير بمثابة كابوس شهري يثقل كاهل الأسر البسيطة، ويستنزف جيوب المواطنين ذوي الدخل المحدود.
ويجمع العديد من السكان اليوم على أن هذه الشركة باتت في نظرهم أسوأ من “أمانديس” التي لطالما كانت مثار احتجاج وغضب شعبي في فترات سابقة.
عدد من المواطنين الذين استقت “هبة زووم” آراءهم، عبّروا عن سخطهم من غياب الشفافية وسوء التواصل من طرف الشركة الجهوية، مشيرين إلى تكرار الأخطاء في احتساب الاستهلاك، وصدور تهديدات بالقطع حتى في حالات الأداء المسبق للفواتير.
ووصفوا ما يجري بأنه تحول خطير من منطق الخدمة العمومية إلى منطق الجباية البحتة، في تناقض صارخ مع الأهداف المعلنة عند تأسيس الشركة.
في المقابل، بدأت أصوات جمعوية ومدنية تتعالى مطالبةً بفتح تحقيق شامل في طريقة احتساب الفواتير، والكشف عن الآليات المعتمدة في تحديد الاستهلاك الشهري، مع ضرورة إرجاع المبالغ الزائدة التي تم استخلاصها من المواطنين “دون وجه حق”.
وأكدت هذه الفعاليات أن الوضع لم يعد يحتمل التماطل أو الصمت الإداري، خصوصاً وأن الاحتقان الاجتماعي يتزايد وسط فئات واسعة من الساكنة، التي ترى في صمت الجهات المسؤولة نوعاً من التواطؤ غير المباشر مع شركة تُمعن في إنهاك المواطنين اقتصادياً ونفسياً.
وفي خضم هذا الغليان، وجّهت ساكنة شفشاون نداءً عاجلاً إلى عامل الإقليم الجديد للتدخل الفوري والحازم من أجل وقف “الاستنزاف المنهجي” لجيوب الساكنة، داعين السلطات الإقليمية إلى تحمل مسؤوليتها في حماية المواطن من جشع الشركات المفوضة.
الشارع الشفشاوني اليوم يغلي بالأسئلة: هل سيتحرك العامل لوقف هذه الفوضى التي تهدد السلم الاجتماعي في المدينة؟ أم سيبقى المواطن البسيط وحيداً في مواجهة فواتير لا ترحم وجدار صمتٍ إداريٍّ سميك؟
الجواب المنتظر من السلطات الإقليمية سيكون، بلا شك، اختباراً حقيقياً لمدى قدرتها على الإصغاء للنبض الشعبي، ووضع حد لفوضى التدبير التي تحوّل المرفق العمومي إلى عبء على المواطن بدل أن يكون في خدمته.
تعليقات الزوار