هبة زووم – علال الصحراوي
في الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تشهد مدينة الداخلة دينامية تنموية جديدة بعد تعيين الوالي علي خليل، تبدو الأمور وقد اتخذت مسارًا مغايرًا تمامًا.
فبدل ترسيخ منطق الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، تعيش المدينة على إيقاع تداخل المصالح، وتوسع نفوذ بعض الوجوه الإدارية التي حولت مواقعها إلى أدوات للهيمنة والتحكم في مفاصل القرار المحلي.
منذ تولي الوالي علي خليل مهامه، أخذت السياسة التدبيرية بالجهة منحى يوصف من طرف مراقبين بأنه “سياسة ظل”، قائمة على مبدأ “فرّق تسد”، حيث يتم اللعب على تناقضات المصالح بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، في مشهد يغيب عنه أي تصور تنموي واضح المعالم. فبدل أن يكون الهدف هو خدمة المصلحة العامة، أضحت النفوذ والولاءات هي العملة الأكثر رواجًا في كواليس الإدارة الترابية.
ويبرز في هذا السياق نموذج موظف تحول إلى رمز للانتهازية الإدارية، يبدل مواقفه كما تُبدّل الحرباء ألوانها، ويتقن فن الظهور والاختفاء حسب اتجاه الريح.
تارة يقدم نفسه كإداري منضبط يسعى إلى المصلحة العامة، وتارة أخرى كوسيط في الصفقات، أو كمهندس علاقات خاصة تخدم مصالح ضيقة.
شخصية تتحرك في الظل، تتقن قواعد اللعبة، وتعرف متى تُمسك بالخيوط ومتى تُفلتها، في مشهد يعكس هشاشة الرقابة وضعف الشفافية.
غير أن السؤال الأعمق لا يتعلق بهذا الموظف في حد ذاته، بل بالمنظومة التي تُنتج وتُعيد إنتاج مثل هذه النماذج داخل الإدارات العمومية بالجهة، فكلما رحل شخص، برز آخر، لتستمر نفس الممارسات، وكأن المدينة محكومة بقدرٍ دائم اسمه “الفساد المقنّن”.
الداخلة التي لطالما وُصفت بأنها “لؤلؤة الجنوب” و”بوابة إفريقيا”، باتت اليوم رهينة لتجاذبات وحسابات شخصية، تضيع في خضمها مصالح الساكنة وفرص التنمية.
وإذا كانت المدينة “غير محظوظة”، فذلك لأن هناك من يحوّل الفرص الاستثمارية والإمكانات الطبيعية الهائلة إلى أوراق ضغط ومكاسب خاصة.
يبقى الأمل أن تستفيق الداخلة من سباتها، وأن تُفتح ملفات الفساد بحزم وجدية، لأن استمرار سياسة غض الطرف والتسيير بالولاءات لن يؤدي سوى إلى مزيد من التيه.
فالإدارة التي تبنى على “الفهلوة” لا يمكن أن تثمر عدالة، والمدينة التي يحكمها الخوف لا يمكن أن تنهض بالتنمية.
تعليقات الزوار