هبة زووم – الرباط
في تدوينة قوية ومشحونة بالدلالات السياسية، وجّه الباحث الأكاديمي والأستاذ الجامعي يحيى اليحياوي نقدًا لاذعًا لما وصفه بـ”انهيار المنظومة الحزبية” بالمغرب، معتبرًا أن تشجيع الدولة للشباب على الترشح بصفة “مستقلين” في الانتخابات المقبلة ليس سوى إدانة مباشرة للأحزاب السياسية التي فقدت دورها الطبيعي وأصبحت عاجزة عن القيام بوظائفها الدستورية والسياسية.
وقال اليحياوي في تدوينته على موقع فيسبوك إن “الدولة التي قتلت الأحزاب لم تكن لتفعل ذلك لولا قابلية هذه الأخيرة لذلك”، موضحًا أن الأحزاب المغربية ساهمت بنفسها في تقويض مكانتها من خلال “إدمانها التنكر لوعودها وابتعادها عن مرجعياتها ونصوصها التأسيسية”، مضيفًا أنها أصبحت تتحالف مع الجميع ضد الجميع، في سباق محموم نحو غنائم سياسية ضيقة وسلطات رمزية لا تمتلكها فعليًا.
وأبرز الأكاديمي المغربي أن الأحزاب في المغرب شاخت وتعرّت أمام الرأي العام، وصارت “طاحونة هواء، ضجيجها أقوى بكثير مما تفرزه من نتاج سياسي حقيقي”، مشيرًا إلى أن فقدانها للبوصلة الفكرية والتنظيمية جعلها تفقد ثقة الناخبين الذين لم يعودوا يجدون أنفسهم في خطابها أو ممارستها.
وحذر اليحياوي من أن صعود المرشحين المستقلين قد يؤدي إلى مشهد سياسي أكثر غموضًا، قائلاً: “لو تسنى للمستقلين أن يحصدوا في الانتخابات القادمة بعض المقاعد، فلن نعرف حينها من مع من، وضد من”، في إشارة إلى احتمال تفكك الخارطة السياسية وازدياد ضبابية التحالفات داخل البرلمان المقبل.
وتأتي تدوينة اليحياوي في سياق نقاش متجدد حول أزمة الوساطة الحزبية في المغرب، حيث تتصاعد الدعوات الرسمية إلى “تجديد النخب” و”فتح المجال أمام المستقلين”، وهو ما يراه عدد من المحللين تعبيرًا عن فشل المنظومة الحزبية في أداء دورها كمحرك للديمقراطية التمثيلية، مقابل بروز موجة من المرشحين بلا انتماء سياسي واضح، ما يعمّق، وفق مراقبين، من أزمة الثقة بين المواطن والسياسة.
بهذه القراءة النقدية، يضع اليحياوي إصبعه على الجرح العميق الذي تعانيه الحياة السياسية المغربية، مؤكداً أن إصلاح السياسة يبدأ من إعادة الاعتبار للأحزاب، لا بتهميشها أو استبدالها بمستقلين قد يعيدون إنتاج نفس الأعطاب، ولكن دون ألوان أو برامج أو مواقف.
تعليقات الزوار