afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

العربي شريعي يكتب.. لا نجاح للإستراتيجية الفلاحية بدون سياسة مائية ناجعة

العربي شريعي

العربي شريعي
قال تعالى “وجعلنا من الماء كل شيء حي” صدق الله العظيم، فالماء هو العنصر الأول المكون للحياة، وهو عنصر أساسي في عملية التنمية، وضروري لكل المشاريع والقطاعات الإنتاجية.
اختار المغرب ضمان أمنه الغذائي، على غرار معظم الدول، وبسبب اعتماده لهذه الإستراتيجية، لم يعرف المغرب أي أزمة تموينية وذلك لأنه يدير أمنه الغذائي بنجاعة وفعالية عكس بعض الدول الأوروبية التي شهدت أزمة على صعيد التموين، وهي نقطة إيجابية تحسب لفائدة القطاع الخاص.
لكن في السنواتر الأخيرى، عرف المغرب تحولات عميقة وجذرية في وضعه الفلاحي، بدءا من أزمة كورونا وحرب أوكرانيا وانتهاء بموجة الجفاف التي أصبحت تؤرق بال المسؤولين في السنتين الأخيرتين، وهو ما وضع الإستراتيجية الفلاحية للبلاد ككل على المحك.
قدرة الحكومة على استباق الأحداث أصبحت على المحك، حيث أصبح واضحا بأنه لا يمكن الرهان على نجاح الإستراتيجية الفلاحية بدون سياسة مائية ناجعة تحصن هذا النجاح، وهو ما أصبح يوجه رسالة قوية لكل الفاعلين للتعامل مع الظرفية الحالية بكل حذر واتخاذ القرارات الصحيحة غير الارتجالية و الترقيعية لحماية الفلاحة وضمان العيش الكريم والحماية الاجتماعية للمواطن المغربي.
الأمن المائي للبلاد أصبح على المحك، وما يجب على الدولة التنبه له والتدخل بشكل استعجالي، حماية للفلاحة المغربية، عبر وضع إستراتيجية تؤمن الموارد المائية الكافية لبلاد تعتبر الفلاحة العمود الفقري لاقتصاده، وضبط عقليات الأهواء السلبية التي تستدعي أنماط فلاحية مستهلكة للفرشة المائية ولا جدوى اقتصادية منها.
ومن جانب آخر، بدأت تلوح في الأفق أزمة عطش وسيستفحل الأمر إن استمر الجفاف، لكن أين هو التدبير السليم للماء في بلد معروف بالسدود؟ أين ترشيد استعمال المياه العذبة، علما أن إحدى الدراسات خلصت إلى ضرورة تقليل إنتاج المياه المعبأة، كحل من حلول ندرة الماء.
خلاصة القول، إن حالة الإفلاس المائي التي يعيشها المغرب، لا يمكن ربطها فقط بالتغيرات المناخية، بل إنها تعكس سياسة أبانت عن فشلها في تدبير قطاع الماء، وللخروج من الأزمة ولو بشكل نسبي، لكي لا يتفاقم الوضع، يستوجب إعادة النظر في السياسات العمومية المتبعة، وضرورة تغيير استراتيجية القطاعات المعنية بالخصوص، ومن تم تغيير السياسة الفلاحية كي تتلاءم مع الطبيعة الجغرافية للبلاد، وهذا بالطبع يتطلب إرادة سياسية قوية وتظافر الجهود، كل من موقعه، وبشكل حازم، أولا من خلال الاعتراف بفشل السياسة الفلاحية والمائية المتبعة منذ عقود، وثانيا إيلاء أهمية كبرى لصغار ومتوسطي الفلاحين، ومن تم توجيه بوصلة الفلاحة نحو الاستهلاك المحلي.
فواجب المسؤولية يتطلب، اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء، كما يجب العمل على التدبير الأمثل للطلب، بالتوازي مع ما يتم إنجازه، في مجال تعبئة الموارد المائية. أما على المدى المتوسط، فيجب تعزيز سياستنا الإرادية في مجال الماء، وتدارك التأخر الذي يعرفه هذا القطاع.
ومن التوجهات الرئيسية التي يجب التركيز عليها أيضا، ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة.
مع التحيين المستمر للاستراتيجيات القطاعية، على ضوء الضغط على الموارد المائية وتعبئتها، وما يقتضي ذلك من شفافية وتوعية، بكل جوانب هذه التكلفة. بالإضافة إلى تعزيز التوجه الهادف للاقتصاد في استخدام الماء، لا سيما في مجال الري وترشيد الاستعمال المنزلي.
موازاة مع ذلك، يجب القيام بدورات تكوينية للفلاحين لإطلاعهم على الأساليب الحديثة للسقي، إلى جانب البرامج التحسيسية لإذكاء الوعي بقيمة الماء بمختلف الوسائل، التعليم النظامي، المساجد، ووسائل الإعلام والنشاط العمومي.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد