بين انتقادات فالس ونهج ترامب.. هل يعيد عبد اللطيف وهبي حساباته بشأن حرية التعبير؟

هبة زووم – القسم السياسي
في الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى تبني نهج أكثر تحررًا في مسألة حرية التعبير، يسير وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، في الاتجاه المعاكس تمامًا.
فقد أصبح ترامب يعتمد بشكل متزايد على منصة “إكس”، المملوكة لرجل الأعمال إيلون ماسك، والتي باتت تُعرف بسياساتها المتساهلة مع المحتوى مقارنة بمنصات أخرى مثل فيسبوك، الذي يفرض قيودًا مشددة على الحسابات والمنشورات المخالفة لسياسته التحريرية.
وهبي وقانون يحد من حرية التعبير
أثار وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، جدلاً واسعًا بسبب مشروع القانون الجنائي الجديد، الذي يتضمن نصوصًا تهدف إلى الحد من حرية التعبير، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويشمل المشروع عقوبات مشددة على ما يعتبره الوزير “تشهيرًا وابتزازًا إلكترونيًا”، في خطوة وصفها البعض بأنها محاولة لتكميم الأفواه وتقليص مساحة النقد على الإنترنت.
وهبي برر هذه الإجراءات بضرورة وضع حد للفوضى الرقمية، حيث قال إن “حرية التعبير لا تعني اتهام الناس دون دليل أو انتهاك حياتهم الخاصة”.
غير أن معارضيه يرون في هذا التوجه تضييقًا على حرية الصحافة والمواطنين، خاصة بعد أن شهد المغرب محاولات سابقة لتمرير قوانين مماثلة، مثل مشروع القانون 22.20، الذي واجه رفضًا شعبيًا واسعًا وأدى إلى سحبه.
ترامب وإيلون ماسك: نهج جديد لحرية التعبير
على النقيض من ذلك، يُعرف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بموقفه المناهض للرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا بعد حظره من قبل منصات كبرى مثل فيسبوك وتويتر (قبل أن تتحول إلى “إكس”).
ومع عودة ترامب إلى الساحة السياسية، أصبح يعتمد أكثر على “إكس”، التي ألغت العديد من القيود السابقة وأتاحت مساحة أوسع لنشر الآراء دون تدخل أو حذف.
إيلون ماسك، مالك “إكس”، انتقد علنًا سياسات فيسبوك وغيرها من المنصات التي تفرض قيودًا على المحتوى، معتبرًا أن حرية التعبير يجب أن تكون شبه مطلقة، إلا في حالات التحريض المباشر على العنف.
هذا النهج يتناقض مع ما يقوم به وهبي في المغرب، حيث يسعى إلى تقنين المحتوى الرقمي وفرض عقوبات زجرية على مستخدمي المنصات الاجتماعية.
انتقادات فالس وتأثيرها على مشروع وهبي
في مؤتمر ميونيخ للأمن، اليوم الجمعة، صدم نائب الرئيس الأمريكي جي دي فالس الأوروبيين بانتقاداته اللاذعة، متهمًا إياهم بتكميم الأفواه وسجن الصحفيين والمعارضين.
هذه التصريحات ألقت بظلالها على مشروع وهبي، الذي يبدو الآن أكثر عرضة للانتقاد الدولي، خاصة أنه يسير في الاتجاه نفسه الذي ندد به فالس.
ويرى المراقبون أن هذا التصعيد الأمريكي قد يؤثر على محاولات وهبي تمرير مشروعه، الذي يعتبره البعض خدمة لمصالحه الشخصية والمصالح الحزبية لحكومة أخنوش.
بين نهجين متضادين
بينما يرى وهبي أن تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي ضرورة لحماية الأفراد من التشهير والابتزاز، يرى ماسك وترامب أن هذه الإجراءات غالبًا ما تكون ستارًا لممارسة الرقابة وتكميم الأصوات المعارضة.
ويعكس هذا التباين في المواقف اختلافًا جوهريًا في فهم حرية التعبير، بين من يرى أنها حق غير مشروط، ومن يعتقد أن لها حدودًا يجب ألا تُتجاوز.
في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا: هل سيضطر عبد اللطيف وهبي لتعديل طموحاته في إخراج قانون جنائي متشدد، خصوصًا أمام الخرجات القوية لحكام البيت الأبيض الجدد، الذين لا يتورعون عن انتقاد الدول الصديقة لهم قبل العدوة؟
هذا الواقع سيضع وهبي أمام ضغوط كبيرة إن هو حاول التسرع في إخراج قانون جنائي متشدد في قضية حرية التعبير، الذي قد يكون البوابة الجديدة لترامب للضغط على الدول الرافضة لمخططاته.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد