مراكش: الوالي شوراق يضيع وسط متاهات المنصوري

هبة زووم – أبو العلا العطاوي
ما إن تطل على مدينة مراكش وتستطلع بعض دروبها و زواياها حتى تشتم عبق العراقة، و تسافر بك الذاكرة إلى التجوال في شعاب تاريخ مجيد، يمتد بامتداد جولات تاريخ المغرب و صولات صانعيه من مختلف الأمم.
إلا أنه من المؤسف أن تجد صرحا بهذا الرصيد الحضاري الخالد، يرزح في دركات التدهور و النكوص، فالمدينة التي كانت تلهم الملوك والسلاطين و توزن في أعينهم بمعايير الذهب وتمتحن وطنيتهم، ويبلى صدقهم بالحفاظ عنها، أو التفريط فيها للعدو، صارت بين الأمس و اليوم، و كأنها فطر نابت من عدم، لا جذور له في الأرض، يعبث بها العابثون و يمحي آثار تاريخها المخربون، دون جريرة ارتكبتها سوى كونها مدينة معطاءة، تجود بخيراتها دون حساب رغم الجحود و التنكر الذي تقابل به.
رغم المكانة الاستثنائية التي تحظى بها مراكش، فإنها تواجه تراجعًا ملحوظًا في جودة الخدمات والمشاريع التنموية، نتيجة سوء التدبير الجماعي، مما جعلها عرضة للفوضى والعشوائية.
فمنذ الانتخابات الجماعية الأخيرة، التي أوصلت حزب الأصالة والمعاصرة إلى تسيير المجلس الجماعي، والمدينة تعيش على وقع سلسلة من المشاكل، سواء على مستوى البنية التحتية، أو تدبير المرافق الحيوية.
وفي هذا السياق، يرى متابعون أن مراكش تدفع اليوم ثمن تحالفات سياسية أفرزت مشهدًا غير متجانس، تتحكم فيه المصالح أكثر من الرؤية التنموية الحقيقية.
فالمجلس الجماعي الحالي، الذي ترأسه فاطمة الزهراء المنصوري، يواجه اتهامات بخرق القانون وعدم احترام المساطر في تدبير المشاريع، ما أثر على نجاعة الأداء الجماعي.
والأدهى من ذلك، أن بعض القرارات المتخذة تُظهر غياب رؤية واضحة للنهوض بالمدينة، مما جعل مراكش تبدو وكأنها بلا بوصلة، تتقاذفها قرارات مرتجلة وسياسات غير مدروسة.
وفي خضم هذا الوضع المتأزم، يثار تساؤل حول دور والي جهة مراكش آسفي، فريد شوراق، ومدى تدخله لضبط إيقاع التدبير الجماعي. فالتنسيق بين السلطة الوصية والمجلس الجماعي يعد عاملًا حاسمًا في نجاح أي مخطط تنموي، إلا أن العلاقة بين الطرفين تبدو غير منسجمة، ما يجعل القرارات الصادرة غير فعالة على أرض الواقع.
اليوم، يمكن التأكيد على أن مدينة بحجم مراكش، التي لطالما كانت واجهة المغرب السياحية والثقافية، تستحق تدبيرًا أكثر كفاءة ونجاعة، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الفئوية.
فلا يمكن لمدينة تحمل إرثًا تاريخيًا وحضاريًا بهذا الزخم أن تبقى رهينة سوء التدبير والاختلالات المتراكمة، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا لتصحيح المسار وإنقاذ مراكش من هذا التراجع المقلق.
فهل ستشهد المرحلة المقبلة تصحيحًا للأوضاع؟ أم أن دوامة التدبير العشوائي ستظل مستمرة، مما قد يزيد من تعميق جراح مدينة طالما كانت مصدر فخر لكل المغاربة؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد