هبة زووم – الرباط
دعا عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، الحكومة المغربية إلى تقديم حصيلة واضحة حول تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل ورش الحماية الاجتماعية، منتقدًا في الوقت نفسه اعتمادها المفرط على الاقتراض الخارجي لتمويل هذا المشروع الوطني الهام.
وأوضح بوانو في مداخلته أمام لجنة المالية بمجلس النواب، أن الحكومة لجأت إلى قروض ضخمة من مؤسسات مالية دولية، في حين أن القانون الإطار 09.21 ينص على أن تمويل هذا الورش يجب أن يعتمد على التضامن الوطني والاشتراك، وليس على القروض الخارجية.
وفي تفصيلاته حول الموضوع، أشار بوانو إلى أن الحكومة قامت بالتفاوض على قروض ضخمة تشمل 500 مليون دولار من البنك الدولي، و120 مليون يورو من بنك التنمية الألماني، بالإضافة إلى 130 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، وهي أرقام ضخمة تُضاف إلى الجهود المبذولة لتمويل الورش الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في المغرب.
ورغم ذلك، شدد بوانو على أن الاعتماد على القروض ليس هو الحل الأمثل، بل يجب أن يتم التمويل عبر آليات تعتمد على المساهمة الوطنية المستدامة.
وأكد بوانو أن الحماية الاجتماعية هي مشروع وطني طموح يسعى إلى تعزيز العدالة الاجتماعية في البلاد، إلا أنه يواجه تحديات مالية كبيرة تهدد استدامته.
هذه التحديات تتفاقم بسبب الزيادة المستمرة في نفقات هذا المشروع مقارنة بالإيرادات التي يتم جمعها، ما يزيد من تعقيد عملية تمويله على المدى البعيد.
وكانت الحكومة قد أكدت سابقًا أن تمويل ورش الحماية الاجتماعية يجب أن يتم من خلال الميزانية العامة للدولة، بالإضافة إلى الإيرادات الضريبية، وإصلاح نظام المقاصة، والهبات، إلا أن المعطيات الحالية تشير إلى أن العجز المالي في هذا المشروع يتزايد بشكل متسارع.
وأشار بوانو إلى أن الحكومة لم تنجح بعد في تعبئة الموارد المالية اللازمة التي تتجاوز 51 مليار درهم سنويًا، وهو الرقم الذي يشمل تكلفة التغطية الصحية، إضافة إلى برامج الدعم الاجتماعي. وأوضح أن نظام التغطية الصحية الإجبارية عن المرض يعاني من ضعف الانخراط وصعوبة تحصيل الاشتراكات، مما أدى إلى تفاقم العجز في هذا القطاع.
كما أشار إلى أزمة نظام “أمو-الشامل”، الذي يعاني من مشاكل هيكلية كبيرة، ما جعل الحكومة تضطر إلى سحب 1.6 مليار درهم من احتياطات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في عام 2023. وحذر بوانو من أن هذه الاحتياطات ستنفد بحلول 2026 إذا استمرت الأمور على هذا المنوال.
كما لفت بوانو إلى أن بنية النفقات في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض تعاني من اختلالات كبيرة، وأشار بشكل خاص إلى ارتفاع نفقات الأدوية التي تشكل 32.4% من إجمالي النفقات، مستنكرًا استمرار ارتفاع أسعار الأدوية مقارنة بالدول المجاورة.
وأضاف أن توجه النفقات نحو القطاع الخاص قد أسهم في سلعنة الخدمات الصحية، وهو ما أثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين في القطاع العمومي.
وفي معرض انتقاده لسياسة الحكومة، تساءل بوانو عن سبب اللجوء إلى الاقتراض بدلاً من تعبئة المواطنين وتحفيزهم على الانخراط في النظام الصحي والاجتماعي، مؤكدًا أن هذا التوجه يتعارض مع المادة 20 من القانون التنظيمي للمالية، التي تمنع الاقتراض لتمويل التسيير.
وأشار إلى أن تمويل البنك الدولي للحماية الاجتماعية بين 2023 و2024 بلغ 870 مليون دولار، وهو ما يفوق المبلغ الذي أعلنت عنه الحكومة.
ولفت إلى أن اقتراضات الحكومة من البنك الدولي في السنوات الأربع الأخيرة تجاوزت ضعف ما اقترضته الحكومات السابقة منذ عام 1987، مما يشكل عبئًا ثقيلًا على المالية العمومية.
وفي الأخير، أكد بوانو على ضرورة أن تقدم الحكومة تقريرًا دقيقًا حول مصادر تمويل هذا الورش الوطني، بما في ذلك 10 مليارات درهم من المساهمة الاجتماعية التضامنية، و15 مليار درهم من إدماج برامج الدعم الاجتماعي، و12 مليار درهم من إصلاح صندوق المقاصة بحلول 2026.
واعتبر أن نجاح مشروع الحماية الاجتماعية يتطلب حكامة جيدة، وشفافية في التدبير، بالإضافة إلى استراتيجية تمويل مستدامة. وأكد على ضرورة أن يتم تأطير هذا التمويل بقانون يخضع لمراقبة ومصادقة البرلمان، حتى لا يتحول هذا المشروع الملكي إلى عبء مالي إضافي يفاقم المديونية بدل أن يحقق أهدافه الاجتماعية والتنموية.

تعليقات الزوار