هبة زووم – وكالات
في مشهد سياسي غير مسبوق، قلب المرشح الديمقراطي زهران ممداني موازين القوة في واحدة من أكثر المدن نفوذًا في العالم، بعد فوزه بمنصب عمدة نيويورك بنسبة 50.4 في المائة من الأصوات، ليصبح بذلك أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخ المدينة، وفق النتائج الأولية المعلنة من وكالة أسوشيتد برس.
وينتمي ممداني (34 عامًا)، المولود في أوغندا لأبوين من أصول هندية، إلى الجيل الجديد من السياسيين التقدميين داخل الحزب الديمقراطي، الذين يسعون إلى كسر احتكار النخبة التقليدية وفتح المجال أمام تنوع سياسي حقيقي يعكس مكونات المجتمع الأمريكي.
الفوز الذي حققه ممداني لم يكن مجرد انتصار انتخابي، بل تحول رمزي عميق في الوعي السياسي الأمريكي، حيث تفوق على المرشح المستقل أندرو كومو، حاكم الولاية السابق المدعوم من دوائر مالية وإعلامية قوية، بفارق تسع نقاط مئوية، في وقت حصل فيه الجمهوري كورتيس سليا على 7.2 في المائة فقط من الأصوات.
وبهذا الإنجاز، وجه ممداني صفعة قوية للتيار السياسي التقليدي الذي حكم المدينة لعقود طويلة، مستندًا إلى دعم فئات شبابية ومجتمعية واسعة تطمح إلى إصلاحات اقتصادية وعدالة اجتماعية وإنهاء تبعية القرار المحلي للمال والنفوذ.
تزامن هذا الفوز مع انتكاسة واضحة للحزب الجمهوري في عدة ولايات، ما دفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى مهاجمة حزبه، محملاً إغلاق الحكومة الفدرالية وغياب اسمه عن أوراق الاقتراع مسؤولية الخسارة، في تبرير يعكس حالة الارتباك داخل صفوف اليمين الأمريكي.
في المقابل، حقق الديمقراطيون سلسلة من الانتصارات في ولايات رئيسية، أبرزها نيوجيرسي وفرجينيا وكاليفورنيا، ما يعزز موقع الحزب في الخريطة السياسية الأمريكية ويفتح الباب أمام جيل جديد من القيادات الشابة ذات الخلفيات المتعددة، يرمز إليها ممداني كوجه تقدمي مسلم يطمح لتجديد الخطاب السياسي من داخل المؤسسات.
لا يُعد انتخاب زهران ممداني حدثًا عاديًا في مدينة مثل نيويورك، التي تمثل رمزًا للنفوذ المالي والإعلامي في العالم، بل هو إشارة قوية إلى تصدع جدار الاحتكار السياسي، وصعود أصوات تنادي بالمساواة والتمثيلية الحقيقية بعيدًا عن الاصطفافات العرقية والدينية التي ظلت تحكم اللعبة السياسية لعقود.
ويرى مراقبون أن فوز ممداني لا يرمز فقط إلى دخول مسلم إلى قمة هرم السلطة المحلية، بل إلى تحول ثقافي أعمق داخل المجتمع الأمريكي، حيث بات الانتماء الإيديولوجي والالتزام بالقضايا الاجتماعية معيارًا أهم من الخلفية الدينية أو العرقية.
بهذا الفوز، يكون زهران ممداني قد فتح صفحة جديدة في تاريخ نيويورك، وأرسل رسالة إلى العالم مفادها أن زمن الاحتكار انتهى، وأن التنوع بات عنوان المرحلة المقبلة.
ففي قلب أكبر مدن العالم، يُكتب فصل جديد من التغيير السياسي والاجتماعي، عنوانه الواضح: الهوية لا تصنع الزعامة… لكن الإرادة تفعل.
