الطيب الشكري
يتواصل العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا في غزة والضفة الغربية، في خان يونس وجباليا وفي كل بقعة من أرض فلسطين الطاهرة، تُوَاصل فيها الآلة العسكرية الصهيونية إستهداف المدنيين العزل برا وبحرا وجوا، ملايين القذائف وأطنان من القنابل، آلاف الطلعات الجوية وبكل أنواع الأسلحة وأشدها فتكا ودمارا وحتى المحرمة منها دوليا، إغتيالات متواصلة لقادة حركة المقاومة في حماس وفي غيرها من حركات المقاومة، عشرات الآلاف من الشهداء غالبيتهم من الأطفال والنساء في حرب جعل منها الكيان الصهيوني محرقة لكل الفلسطينيين باستثناء الخانعين منهم ممن لازالوا متشبتين بحل الدولتين وبالخيار السياسي الذي لا تُعِيره حكومة المجرم نتنياهو أي إعتبار.
عام من القصف والدمار، عام من القتل والتنكيل بجثت الشهداء، عام من دعم أمريكي وأوروبي وصمت عربي دون أن تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة وغير المعلنة، وسًعَت فيها الدولة العبرية عمليتاتها العسكرية لتشمل الجنوب اللبناني وتستمر معها عملية إغتيال قادة المقاومة في حزب الله، الغريب في هذا أن هذه الحرب المدمرة وما صاحبها من إبادة جماعية يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني تتم تحت أنظار العالم ” الحر ” وأمام مرأى ومسمع منه دون أن يتحرك هذا العالم ” الحر ” في إتجاه إنهاء العدوان والمجازر التي ترتكبها إسرائيل بشكل يومي مكتفيا بالتنديد والإستنكار وإصدار قرارات أممية تكون دائما تحت مرمى الفيتو الأمريكي المنحاز بشكل كلي للإجرام الصهيوني الذي لا يحترم لا الشرعية الدولية التي يتبول عليها قادته ومجرميه، ولا قرارات الأمم المتحدة التي لا تعيرها إسرائيل أي إهتمام بل الأكثر من هذا تنتهكها بشكل فاضح ودون خجل أو حياء، لأنها تعرف جيدا أن لا شيء يرجى من ورائها وأنها مجرد أوراق لا تستحق حتى ثمن الحبر الذي كُتِبت به، وتعرف أكثر من هذا وذاك أن الدول القوية المسنودة من الولايات المتحدة الأمريكية غير معنية بها لا من قريب أو بعيد وأن حضورها داخل أروقة الأمم المتحدة هو مسألة روتينية لا أقل ولا أكثر ولمعرفة ردة فعل الدول العربية من المحرقة الصهيونية التي يتعرض لها الفلسطينيين رغم أنها متأكدة أن مواقف العديد منها لا يتعدى الإدانة والإستنكار، ولن ترقى أبدا إلى حجم الجرائم التي يتعرض لها أطفال غزة الذين حولتهم الآلة العسكرية الصهيونية إلى وقود لنيرانها بحرق كل شيء يعترض طريقها، ليتأكد للعالم وفي ظل إستمرار العدوان وتوسيع رقعته جغرافيا أن الشرعية الحقيقية هي شرعية القوة وإمتلاك أحدث الأسلحة فتكا ودمارا وفيتو أمريكي لمباركة هذا العدوان واستدامته بما يزيد في عدد الشهداء من الأطفال وللحيلولة دون إصدار قرارات تعاكس التوجه المتوحش للكيان الصهيوني الغاصب.
لقد عشنا على مدى سنة من عدوان إسرائيلي على غزة وعدد من مدن فلسطين، فصول مسرحية عنوانها إحترام الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة قبل أن نستفيق على واقع فظيع فظاعة ما اقترفته إسرائيل في حق أبناء فلسطين، حيث الدمار ولاشيء غير الدمار، حيث الدماء والقتل والحصار وقتل الأطفال وإنهاء مظاهر الحياة في القطاع، وكأننا أمام حملة تطهير عرقي يشهد فصولها العالم الحر تريد إبادة شعب غزة ومحرقة قائمة الذات حقيقية وليست وهمية، أبطالها قادة إسرائيل من سياسيين وعسكريين المتعطشين إلى المزيد من الدماء وتقول للعالم أجمع لن أوقف حرب الإبادة هاته إلا بمزيد من القتل والدمار.
المفارقة العجيبة هي سياسة الكيل بمكيالين التي ينهجها العالم الحر الذي سَكت أمام حجم وفضاعة الجرائم الصهيونية وبلع لسانه، وانتفض أمام حق المقاومة في صد العدوان والتصدي للعمليات العسكرية دفاعا عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة وفي العيش بأمن وسلام ويرفض أن يكون حطبا لمحرقة أبناء صهيون حيث تتصاعد أصوات إدانة الحق في الدفاع عن النفس ليتضح حجم النفاق العالمي الذي يحكم علاقة المجرم بالضحية.
لقد سقطت الأمم المتحدة في إمتحان التعاطي مع العدوان الإسرائيلي وسقط معه ميثاقها الأخلاقي بعد أن داست إسرائيل عليه ومزقت بنوده تحت أقدامها وهي تستمر منتشية بعدوانها وجرائمها التي أصبحت وصمة عار على جبين كل أحرار العالم الذين وقفوا عاجزين أمام هول مشاهد الدمار والقتل الذي تعرض ويتعرض له الإنسان الفلسطيني الذي حمل مآساته أطباء غربيون عاشوا أقوى اللحظات وهم يقفون عاجزين أيضا عن إسعاف الجرحى بعد أن قصفت إسرائيل المشافي وصادرت ومنعت دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث كانت شهادتهم صادمة ومألمة تبكي الحجر قبل الإنسان وبيقولوا وبكل اللغات أن ما قامت به إسرائيل هي جرائم ضد الإنسانية.
تعليقات الزوار