هبة زووم – إلياس الراشدي
يتحوّل حي الفلاح التابع لمقاطعة مولاي رشيد في الدار البيضاء، يومًا بعد يوم، إلى عنوان للفوضى العارمة وغياب القانون، في ظل استفحال ظاهرة احتلال الملك العمومي، التي لم تعد تقتصر على الأرصفة فقط، بل تجاوزتها إلى اجتياح الشوارع بأكملها، وسط لا مبالاة تامة من السلطات المعنية.
مظاهر التسيب في هذا الحي لم تعد استثناء، بل أضحت هي القاعدة. كراسي وطاولات المقاهي تغلق الممرات دون حسيب، وأصحاب المحلات التجارية يستبيحون الطريق العام كما يشاؤون، تاركين للمارة هامشًا ضيقًا إن وُجد.
وفي بعض الحالات، يُغلق الطريق كليًا، حين يجلس المستغلون على الأرصفة بكل تبجح، غير آبهين بحقوق المارة ولا بمكانة القانون.
ولا تتوقف المعاناة عند حدود الفضداء العمومي فقط. فالحي يعاني أيضًا من أنشطة غير قانونية داخل بعض الورشات، التي تمارس مهامًا لا تتوافق مع طبيعتها المصرّح بها.
إحدى ورشات الخياطة مثلًا، تحولت بطريقة “سحرية” إلى ورشة ميكانيكية وحدادة تصدر ضوضاء مزعجة طيلة اليوم، ما يحرم السكان من أبسط حقوقهم في الراحة، ويؤثر سلبًا على المرضى وكبار السن.
ولعلّ المفارقة المحزنة تكمن في أن بعض سكان الحي، ومن منطلق حسّهم المدني، قاموا بمبادرة تنظيف وتجميل الحي عبر طلاء الجدران برسومات فنية جميلة، في محاولة لإضفاء طابع حضاري على المكان. غير أن جهودهم ذهبت أدراج الرياح أمام واقع يعكس غيابًا واضحًا للإرادة الإدارية في فرض احترام الفضاء العام.
وفي وقت يُفترض فيه أن تتحرك السلطات لإعادة الاعتبار للملك العمومي، يتساءل المواطن عن حدود مسؤولية المقاطعة وعمالة مولاي رشيد، التي يبدو أنها عاجزة عن مجابهة هذا الوضع الشاذ، أو غير راغبة في ذلك.
الحي اليوم لم يعد فقط مكانًا للسكن، بل فضاءً مشوهًا يعبّر عن أزمة عميقة في الحكامة المحلية، حيث تغيب هيبة الدولة، وينتعش الاستغلال الفوضوي لمجال مشترك، هو في الأصل ملكٌ للجميع.
فهل نحتاج إلى كارثة أو احتجاجات غاضبة لتحرّك الجهات الوصية؟ أم أن زمن احترام القانون في مقاطعة مولاي رشيد قد ولّى دون رجعة؟

تعليقات الزوار