الفيدرالية المغربية لناشري الصحف: منديل مبلل يُمسح به الفشل ويُغطى به العجز

محمد خطاري

محمد خطاري
من يسمع خطاب الفيدرالية المغربية لناشري الصحف اليوم، يخال نفسه أمام بقايا كيان تمثيلي ظلّ يتغذى على الشعارات الفارغة والبيانات المتكررة، لا على شرعية نابعة من القواعد الصحفية الفاعلة.
هيئة منتهية الصلاحية، تحولت من إطار يُفترض فيه الدفاع عن الصحافة والصحافيين، إلى ناطق رسمي باسم منطق “الاستجداء المؤسساتي” وتقديم فروض الطاعة لوزارة الثقافة والتواصل.
ما نسمعه ونقرأه من هذه الفيدرالية ليس سوى ثرثرة بيروقراطية مملة، خطاب بائس يلوك مفردات “الإقصاء” و”التهميش” و”التمثيلية”، بينما الواقع يقول شيئاً آخر: من أقصى من؟ ومن همّش من؟
من أقصى الصحافيين الشباب؟ من أغلق الأبواب في وجه المبادرات الجادة؟ من صادر الفضاء المهني لصالح لوبي صغير يعيش على فتات الدعم العمومي والإشهار المُقنن؟
الفيدرالية تتحدث عن “الحوار والانفتاح” وكأنها تكتشف لأول مرة أن للصحفيين رأياً وشروطاً وكرامة.
أي حوار هذا الذي لا يبدأ من القاعدة؟ من الصحفي الذي يُطرد بلا حقوق، ويُستغل دون عقد، ويُهان في قاعات التحرير وفي مكاتب الإدارة؟
ما نراه اليوم هو هيكل كارتوني بلا روح، بلا مشروعية، بلا غطاء أخلاقي، يصدر بيانات لا تحرك ساكناً ولا تثير حتى الفضول المهني.
كيف لمؤسسة تدّعي التمثيل أن تصمت عن فوضى الإشهار التي تمزق السوق الإعلامي؟ كيف تغض الطرف عن مؤسسات إعلامية تحولّت إلى أدوات للابتزاز السياسي والتجاري؟ وأين كانت الفيدرالية حين كان الصحفيون يُسحقون تحت سيف العقوبات التأديبية والإفلاس المهني؟
الجواب بسيط: كانت تكتب بلاغات وتنتظر الرد من الوزارة.
لقد آن الأوان لنقولها بصوت عالٍ: الفيدرالية لم تعد تمثلنا. لم تعد تمثل الصحفي الذي يشتغل في الميدان، في الهامش، في المواقع الحرة، في الجرائد التي تقاوم الفناء بكرامة. بل تمثل أقلية تحتكر الاسم وتبتز به المؤسسات، تطالب بالدعم ولا تقدم سوى الصور الرسمية ومآدب “المشاوي التمثيلية”.
نحن بحاجة إلى حركة تصحيحية داخل الجسم الصحفي. إلى تمثيلية تنبع من الصحافيين لا من الدوائر المغلقة. إلى منبر نضالي حقيقي لا إلى مقاولة تبيع صكوك “الشرعية الانتخابية” بأسعار رمزية.
أما الفيدرالية الحالية، فقد اختارت أن تكون وسيطاً بين الحكومة والصمت، وأن تستمر في تكرار لازمة “نحن نمثل” حتى وهي تدرك أن الزمن تجاوزها، وأن الصحفيين الحقيقيين – كما قال الزميل فؤاد السعدي – لم يعودوا في حاجة إلى خطابات معلبة وبلاغات بلا أثر.
ختاماً، لا نطلب منهم الرحيل، بل نطلب منهم شيئاً أكثر احتراماً: أن يصمتوا على الأقل.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد