هبة زووم – حسن لعشير
عاشت مدينة تطوان على مدى يومي الأربعاء والخميس (1 و2 أكتوبر 2025)، على إيقاع احتجاجات سلمية متواصلة قادها شباب من “جيل Z”، في مشهد حضاري لفت الأنظار داخل المغرب وخارجه.
ففي الوقت الذي شهدت فيه مدن مغربية أخرى مظاهر توتر وأعمال عنف محدودة، اختار شباب تطوان التعبير عن غضبهم بشكل منظم وسلمي، مجسدين نموذجًا راقيًا في الاحتجاج المسؤول.
انطلقت المسيرات، مساء كل يوم، من ساحة مولاي المهدي في اتجاه شارعي 10 ماي وموريتانيا، وسط حضور أمني مكثف ومنظم دون تسجيل أي تدخل أو احتكاك بين القوات العمومية والمحتجين. وردد المشاركون شعارات تندد بالفساد وتدعو إلى الإصلاح والعدالة الاجتماعية، في أجواء ميزها الهدوء والانضباط.
اللافت في احتجاجات تطوان كان الموقف الإنساني والأمني الهادئ لسلطات المدينة، إذ شوهد والي أمن تطوان، محمد وليدي، وهو يرتدي الزي الرسمي إلى جانب باشا المدينة في قلب الساحة، يتابع عن قرب سير المسيرة، بل ويتفاعل مع المحتجين في حوار مباشر وصفه المراقبون بـ”الخطوة المثالية”.
وفي لحظة رمزية مؤثرة، قدم عدد من الشباب باقات ورود لوالي الأمن، في مشهد جسّد الاحترام المتبادل بين الطرفين وأعطى صورة مغايرة لما حدث في مدن أخرى.
في المقابل، عاشت مدينة الفنيدق المجاورة ليلة من الفوضى، بعد أن عمدت مجموعات من القاصرين والمراهقين إلى أعمال تخريب طالت مرافق عمومية وحافلة لنقل مستخدمي الميناء المتوسطي، إضافة إلى إضرام النار في حاويات النفايات ورشق الممتلكات العامة بالحجارة، ما أثار الهلع وسط الساكنة. وقد أدان الجميع هذه التصرفات واعتبروها سلوكًا مرفوضًا لا يمثل جوهر الاحتجاج الشعبي.
من جهتهم، أشاد عدد من المتتبعين المحليين بـ”النضج المدني” الذي أبان عنه شباب تطوان، مؤكدين أن وعي الأسر ومرافقة الآباء لأبنائهم لعب دورًا مهمًا في تفادي الانزلاقات، مشيرين إلى أن هؤلاء الشباب لا يحتاجون إلى من يقمعهم، بل إلى من يصغي إليهم ويفتح أمامهم قنوات للحوار.
وهذا ما جسده، حسب شهود عيان، والي الأمن محمد وليدي، الذي نزل شخصيًا إلى الساحة وفتح نقاشًا هادئًا مع عدد من المحتجين فردًا فردًا، في بادرة نالت استحسانًا واسعًا واعتُبرت درسًا في الحكمة والتدبير الأمني المسؤول.
بهذا السلوك الحضاري من الطرفين، رسخت تطوان صورة المدينة الهادئة والعاقلة، وقدّمت للعالم نموذجًا راقيًا في كيفية تحويل الغضب الشعبي إلى مساحة حوار راقٍ وسلمي، يعيد الثقة بين المواطن والمؤسسات.
تعليقات الزوار