هبة زووم – محمد خطاري
قبل أيام من عقد مؤتمره الوطني الثاني عشر بمدينة بوزنيقة ما بين 17 و19 أكتوبر الجاري، كشف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن وثيقته السياسية الجديدة، التي تمثل قراءة نقدية معمقة للوضع السياسي والدستوري بالمغرب، وتحمل في طياتها نبرة إنذار واضحة مما يسميه الحزب “الانحراف عن روح الدستور وتراجع العمل المؤسساتي”.
مفارقة بين النص الدستوري والممارسة السياسية
في وثيقته، يؤكد الاتحاد الاشتراكي أن المغرب يعيش “مفارقة مقلقة” بين الروح التقدمية للدستور وبين الترجمة الفعلية لمقتضياته، مبرزًا أن هذا التباين أصبح يهدد جوهر البناء الديمقراطي.
وأشار الحزب إلى أن العديد من المقتضيات الدستورية لم تجد طريقها بعد إلى التفعيل، من بينها آلية الدفع بعدم الدستورية، وإحداث مؤسسات الحكامة رغم صدور القوانين المؤطرة لها، إضافة إلى غياب المشاركة السياسية لمغاربة العالم، وتأخر تفعيل مبادئ أساسية كـ المناصفة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويرى الحزب أن التطبيع مع مظاهر تضارب المصالح والإثراء غير المشروع والمنافسة غير النزيهة، يمثل انحرافًا عن الدستور، ويهدد أسس العدالة المؤسساتية وتكافؤ الفرص بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين.
تغوّل السلطة التنفيذية وتقويض التوازن المؤسساتي
لم يتردد حزب الوردة في توجيه انتقادات حادة لما وصفه بـ “التغول الذي طبع بداية تشكيل الحكومة الحالية”، معتبراً أن ممارساتها أضعفت العمل المؤسساتي وأثرت سلباً على التوازن بين السلط.
وحذّر الحزب من أن “الانزياح نحو التمركز المفرط للسلطة التنفيذية، بدعم من كيانات انتهازية متغولة”، بات يهدد المسار الديمقراطي، داعياً إلى استعادة التوازن بين البرلمان والحكومة ومؤسسات الحكامة، وإلى تعزيز موقع المعارضة كفاعل دستوري وليس مجرد شاهد صامت على القرارات.
وأشار الاتحاد إلى أن “ثقافة التردد والارتعاش” التي تهيمن على المشهد السياسي تزيد من تقويض الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتشل آليات الرقابة البرلمانية من قبيل ملتمسات الرقابة ولجان تقصي الحقائق، ما يفرغ الديمقراطية من محتواها الفعلي.
في مواجهة اللايقين الدولي: نحو فعل سياسي جديد
في سياق يتسم بعدم اليقين العالمي وتغير الموازين الجيو-استراتيجية، شدّد الاتحاد الاشتراكي على أن المغرب في حاجة إلى تجديد الفعل السياسي وجعله فعلاً مواطناً يخدم المصلحة العامة، لا مجرد ممارسة حزبية شكلية.
وأكد الحزب أنه مستمر في نضاله من أجل المزيد من الحرية والعدالة والتضامن، معتبراً أن المرحلة تقتضي فتح نقاش وطني جدي حول ترصيد المكتسبات الديمقراطية، وتعزيز الإصلاحات الدستورية، وتفعيل الجهوية المتقدمة باعتبارها مدخلاً للعدالة الترابية والتنمية المتوازنة.
حزب الوردة يستعيد لغته القديمة
يعيد الاتحاد الاشتراكي من خلال وثيقته السياسية الأخيرة إحياء خطابه التاريخي كحزب نقدي إصلاحي، يزاوج بين الدفاع عن الديمقراطية والدولة الاجتماعية.
وبينما يرى مراقبون أن الوثيقة تشكل محاولة لتجديد هوية الحزب وإعادة تموقعه في المشهد السياسي بعد سنوات من الانحسار، فإن مضمونها يعكس بوضوح تحول الاتحاد إلى ضمير يقظ يذكّر بالروح التأسيسية للدستور المغربي، في مواجهة تغوّل السلطة التنفيذية وتراجع النخب السياسية عن أدوارها.
تعليقات الزوار