هبة زووم ـ ليلى البصري
لن يستطيع أي شخص، حتى لو كان من أبرز المهندسين، أن يرسم، و بدقة، خطّاً مستقيما على سطح الكرة الأرضية؛ يربط بين جهتين، دون أن يتوفر لديه خرائط حقيقية و دقيقة، كالتي نلتقطها من الطائرات أو عبر الأقمار الصناعية.(فالخرائط المسطحة لا تفي بالغرض، لعدم صحتها ما دامت الأرض كروية و غير مسطحة)، وإن توفرت لديه تلك الخرائط الحقيقية، عليه أن يكون على دراية و معرفة بخطوط الطول و خطوط العرض على سطح الأرض، ليتمكن من تحديد زاوية الميل بين الجهتين و ذلك بالنسبة إلى الشمال المغناطيسي… إضافة إلى أنه عليه أن يكون على علم بمستوى ارتفاع الأراضي عن مستوى سطح البحر…
لهذا السبب لم يتمكن الإنسان، رغم محاولاته العديدة، من رسم خريطة حيقية و دقيقة للكرة الأرضية إلا عندما توفرت له تلك الشروط لذلك… أي في القرن العشرين، في عهد الأقمار الصناعية. فالإدريسي عندما حاول أن يرسم خريطة الكرة الأرضية، جعل اليمن في جنوب شرق الجزيرة العربية، و جعل سلطنة عمان شمال شرق الجزيرة العربية… و كان ذلك سنة 1154م اي بعد الهجرة النبوية الشريفة بحوالي خمسة قرون و نصف القرن. ومن بعده بثلاثة قرون، حاول جيوفاني لورنو أيضا رسم خريطة للكرة الأرضية، لكنها لم تكن حقيقية… و فشل غيرهم كثيرون.
لكن الرسرل صلى الله عليه و سلم، لم يحتج لأيٍ من هذه الشروط كي يرسم، و منذ اربعة عشر قرنا، خطّاً مستقيما يربط، ليس بين جهتين فحسب، بل ثلاث جهات: من مسجد صنعاء باليمن، إلى قمة جبل ضين الذي يبعد عن صنعاء حوالي ثلاثين كيلو ثم إلى الكعبة المشرفة التي تبعد عن صنعاء بحوالي 815 كيلو. كيف ذلك؟
حينما دخل أهل اليمن في الإسلام، كان لا بد للرسول صلى الله عليه و سلم أن يبعث إليهم بمن يعلمهم أصول دينهم، فكان ممن بعث بهم: علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، و معاذ ابن جبل، و أبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم أجمعين دون أن ننسى وبر ابن يخنث الخزاعي، الذي ولاه النبي صلى الله عليه و سلم، على اليمن ثم وصاه، كما جاء عن الطبري و الطبراني، في حديث شريف: { … ادعهم إلى الإيمان، فإن أطاعوا لك به، فاشرع الصلاة، فإن أطاعوا لك بها، فمر ببناء المسجد لهم، في بستان بإذان، من الصخرة التي في أصل غمَدان، و استقبل به الجبل الذي يقال له “ضين”}.
فتحديد مكان المسجد بهذه الدقة، هو تحديد لزاوية الميل نحو الكعبة المشرفة، و اسألوا العم قوقل، فإن لديه الصور التي تثبت أنك لو خرجت بسهم من قبلة المسجد الذي أمر النبي صلى الله عليه و سلم ببنائه في صنعاء،( و الذي لا يزال قائما إلى يومنا هذا) إلى أن تصل إلى قمة جبل ضين، ثم تمضي قدما بهذا السهم على استقامته، لوجدته يدخل مكة ثم إلى الكعبة المشرفة مباشرة ليستقر متمركزا بين الركن اليمني و الحجر الأسود.!!!!!
{ وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } النجم، فسبحان من علمك الهندسة في عصر الجاهلية يا رسول الله؟ والحمد لله الذي أنعم علينا بك و بنعمة الإسلام، اللهم صل و سلم عليه تسليماً، و جازه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته.