عبد الفتاح مصطفى – الرباط
لقد كنا نعايش أشخاص بدأوا مسارهم في درج المسؤولية ونحن صغارا، ونعاين وهم يتلمسون رضى الأسياد ويطيعون أوامر من يهمهم الامر داخل الاحزاب السياسية المغربية، وبمجرد توليهم المسؤولية يعتقدون ان عودهم اشتد وأن كراسيهم لن تزول منهم، بل تراهم يبحثون على مناصب أخرى، خوفا من الرجوع الى ماضيهم الكئيب والبئيس اذ جلهم كانوا “قد الحال”.
عايشنا في ماضينا نجن شيوخ هذا الزمن، وزراء وبرلمانيين ومسؤولين كبار يقام لهم ولا يقعد، هؤلاء كانوا يتكلمون عن كل شيء ويعرفون ويفهمون كل شيء، ويدعون أنهم يقومون بخدمة الناس ودونهم ستضيع الحقوق.
ترى لماذا يركب بعضنا حب الاستبدال والاستكبار كلما ترقى، في سلم المناصب واعتلى كرسي المسؤولية، الا يعلم هؤلاء المغرورين ان تحمل المسؤولية تكليف وليست تشريف.
كانت للمناصب السياسية والحزبية مكانة متميزة في اهتمامات الناس وانشغالات الساسة، وكان يتحمل المسؤولية اصحاب الأخلاق الحميدة و النبيلة: أمثال عبد الله ابراهيم أول رئيس حكومة، عبد الرحمان اليوسفي، اعلي يعتة علال الفاسي، محمد بوستة، المجحوبي أحرضان وغيرهم كثير.. أين هم اليوم؟
لا نملك إلا ان نقف تقديرا واجلالا لهامات عظام من رجال ونساء السياسة الذين ظلوا رغم ترقيتهم في أعلى مناصب المسؤولية يمشون في الأسواق، ويعاشرون عامة الناس لم تغيرهم الكراسي والمناصب.
لكن اليوم في عصرنا أصبح كل من هب ودب يدخل الحقل السياسي الانتخابي، ويعتقد بعض منهم ان المناصب والكراسي تدوم مدى الحياة، لان هدفهم وحلمهم هو المنصب والكرسي للتباهي والافتخار و… وجمع المال والثروة من فيلات واقامات، والمقاهي، والمطاعم والمحلات التجارية والانتاجية، واصبحوا يتعاملون مع الناس بشكل متعال، ويعتبرون أنفسهم أعلى وأرقى من الجميع.
هؤلاء النماذج لاتزال تحلم بالوصول الى الحكومة والبرلمان، لا يتذكرون ان هناك شخصيات سياسية وحزبية سبقتهم وكان المصير لا يبشر بالخير، يتابعون بتهم متنوعة ويحاكمون في حالة اعتقال، ويتم عزلهم وطردهم، بل هناك من يودعون السجن بتهم الرشوة والابتزاز وتبديد أموال عمومية والتزوير في محررات رسمية واستغلال النفوذ، والتورط في اختلاسات مالية اومع بارونات المخدرات… هؤلاء المغرورون يسعون من خلال مناصبهم خدمة أنفسهم فقط ، بعيدين عن خدمة المصلحة العامة وعن ناخبيهم ، و كلهم ينتمون إلى أحزاب سياسية ونقابية.. هذه الأخيرة التي أصبحت تمنح التزكيات لكل من هب ودب دون الاكتراث بمؤهلاته السياسية و العلمية والاجتماعية فقط تكون له “الشكارة”، والفاهم يفهم.
و لنا في ما نقول عدة نماذج ساطعة عن أشخاص كانوا “مغرورين” في تصرفاتهم وفي تعاملهم مع المسؤوليات التي أنيطت لهم بعد فوزهم في الانتخابات، واعتلوا كراسي في مناصب عالية، لكن ما فتؤو أن غادروها بشكل من الأشكال وبطريقة من الطرق.. لنقول: أين سعيد الناصري رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء وأين محمد مبدع برلماني و وزير سابق وأين عبد النبي البعيوي مقاول ورئيس جهة الشرق وأين خالد عليوة الوزير السابق و الرئيس المدير العام للقرض العقاري و السياحي CIH .. لنسرد ونكتفي بهؤلاء وغيرهم كثير.. و العبرة لمن يتقي.
المناصب و المسؤوليات لا تقاس لا تصنع الرجال، انما المواقف من تصنعهم، ان لمة تكن معطاء فاحذر أن تكون مناعا للخير لأن اليد المانعة أثمة.
تعليقات الزوار