الغلوسي يتهم أخنوش بتضارب المصالح ويطالب بحراك سياسي وقانوني لتصحيح الوضع

هبة زووم – الرباط
فجرت صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء جدلاً واسعاً في المغرب، بعد أن كشفت تقارير عن فوز شركة مرتبطة برئيس الحكومة عزيز أحنوش بالصفقة.
هذه الصفقة التي تقدر قيمتها بمئات الملايير من السنتيمات، أثارت تساؤلات حول مدى شفافية الإجراءات المتبعة ومنحت زخماً للنقاش حول قضية تضارب المصالح في المغرب.. فهل وقع رئيس الحكومة في فخ هذا التضارب الذي يهدد مبادئ الحوكمة الرشيدة؟
وفي هذا السياق، أثار محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، اتهامات خطيرة حول هذه الصفقة، مؤكدًا أن وجود علاقة تجارية بين الشركة الفائزة وشركة مملوكة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش يشكل تضاربًا صريحًا في المصالح.
ويرى الغلوسي أن فوز رئيس الحكومة عزيز أخنوش بصفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء تجسيد فج لزواج السلطة بالمال واستغلال واضح لمواقع الامتياز والسلطة.
واعتبر الغلوس، في تدوينة له على صدر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أن “قضية فوز مجموعة اقتصادية تابعة لرئيس الحكومة بصفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء بمبلغ قيل بانه يقدر بحوالي 650 مليار سنتيم تفرض على النخبة السياسية وكافة المهتمين فتح نقاش عمومي مسؤول حول إشكالية تنازع المصالح باستغلال مواقع الإمتياز والمسؤولية العمومية وطرح كافة الأسئلة المرتبطة بأهمية تخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون”.
وأضاف، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال، قائلا: “صفقة تحلية مياه البحر التي فازت بها شركة محسوبة على رئيس الحكومة تطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا منطلقه الفصل 36 من الدستور ومقتضيات الفصل 245 من القانون الجنائي (الفصلين معا ادناه )فضلا عن ميثاق الأخلاقيات الذي دعا الملك البرلمان إلى سنها”.
الغريب في الأمر يقول الغلوسي، في تدوينته، أن “رئيس الحكومة خرج ومن داخل قبة البرلمان ليدافع عن أحقية شركته في المشاركة ونيل الصفقة المذكورة لأنه لاشيء يمنعها من ذلك ،اكيد ان الجميع سواسية امام القانون أشخاصا ذاتيين ومعنويين، ولكن تلك المساواة لايمكن ان تتحقق إذا كان الشخص هو المسؤول عن الإدارة وهو رئيسها وهو نفسه الذي يحتل مواقع الإمتياز والسلطة، وهو نفسه الذي يتوفر على امكانية وسلطة التشريع (حكومة، برلمان) ورغم ذلك لم يبادر إلى إخراج القانون الذي يجرم تنازع المصالح انسجاما مع الفصل 36 من الدستور، وهو الفصل نفسه الذي يفرض على السلطات العمومية وضمنها طبعا الحكومة ورئيسها الوقاية من كل أشكال الإنحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، والزجر عن هذه الانحرافات”.
وعاد الغلوسي ليؤكد، في منشوره، قائلا: “وتحيلنا مقتضيات الفصل 36 من الدستور على الفصل 245 من القانون الجنائي والذي يبقى غير بعيد عن حالة صفقة تحلية مياه البحر، ذلك انه وحسب الفصل المذكور فإن كل موظف عمومي أخذ او تلقى اية فائدة في عقد او دلالة أومؤسسة او استغلال مباشر يتولى إدارته او الإشراف عليه، كليا او جزئيا، أثناء ارتكابه الفعل ،سواء قام بذلك صراحة او بعمل صوري او بواسطة غيره، يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة الف درهم …، والموظف العمومي المقصود هنا ليس بمفهومه الإداري بل بمعناه الجنائي كما يفيد ذلك الفصل 224 من القانون الجنائي”.
وأمام ما يحدث تساءل الغلوسي، في ذات التدوينة، قائلا: “لو كنا في دولة الحق والقانون لما استطاع رئيس الحكومة او اي وزير آخر أن يستغل موقعه الوظيفي لخدمة مصالحه بشكل مباشر او غير مباشر، فقد حدث لوزيرة في السويد ان استعملت بطاقة بنزين حكومية وقامت القيامة وقدمت استقالتها لكن في بلدنا لاتوجد حدود بين ممارسة السلطة وامتيازاتها والمصالح الذاتية”.
من جانبه، نفى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في خرجته الشهيرة بالبرلمان، هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً، مؤكدا أن عملية اختيار الفائز بالصفقة تمت بشكل شفاف وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة، مشددا على أن الشركة الفائزة قدمت أفضل عرض فني ومالي، وأن اختيارها تم بناءً على معايير موضوعية.
ومع ذلك، فإن هذه الردود لم تقنع الرأي العام، الذي يرى أن وجود علاقة بين الشركة الفائزة ورئيس الحكومة يثير الشكوك حول نزاهة العملية، كما انتقد حزب العدالة والتنمية المعارض هذه الصفقة، واعتبرتها مثالاً صارخًا على استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية.
هذه القضية أثرت بشكل كبير على الساحة السياسية في المغرب، حيث أصبحت محط اهتمام الرأي العام والوسائل الإعلامية، وقد أدت إلى تصاعد المطالبات بضرورة إجراء تحقيق شفاف ونزيه في هذه القضية، وكشف الحقيقة كاملة للمواطنين.
كما أثارت هذه القضية تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في مكافحة الفساد وتضارب المصالح، حيث أصبح عدم معالجة هذه القضية بشكل جدي مهددا للثقة في المؤسسات الحكومية ومعمقا للأزمة السياسية في البلاد.
ويرى عدد من المتابعين للشأن السياسي بالمغرب أن صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء تسلط الضوء على أهمية مكافحة الفساد وتضارب المصالح في المغرب، حيث أصبح وجود شبهة فساد في مثل هذه المشاريع الضخمة يهدد بتقويض الثقة في المؤسسات الحكومية ويؤثر سلبًا على سمعة البلاد.
لذلك، ترى هذه الفعاليات أنه من الضروري إجراء تحقيق شفاف ونزيه في هذه القضية، ومحاسبة جميع المتورطين، كما يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان الشفافية والنزاهة في جميع الصفقات الحكومية، وتعزيز مبدأ المساءلة.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد