بنكيران: الثعلب السياسي الذي هزم الآلة الإعلامية لأخنوش ووضع حزبه على رأس الخارطة الانتخابية لعام 2026
هبة زووم – أحمد الفيلالي
في عالم السياسة المغربية، حيث التحولات والتحالفات تتسارع بشكل غير متوقع، يبرز اسم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، كواحد من أبرز القادة السياسيين الذين أثبتوا قدرة خارقة على المناورة والمواجهة.
فقد نجح بنكيران، الذي عُرف بلقب “الثعلب السياسي”، في معركة لم تكن سهلة ضد آلة إعلامية ضخمة كانت تدعم خصمه، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ليحول الحظوظ لصالحه ويضع حزب العدالة والتنمية على رأس خارطة القوى السياسية قبيل الانتخابات التشريعية القادمة في 2026.
معركة الإعلام والسياسة: المواجهة بين بنكيران وأخنوش
منذ انتخاب عزيز أخنوش على رأس الحكومة في عام 2021، كثرت الإشاعات والتوقعات حول سيطرة رئيس الحكومة وحزبه، “التجمع الوطني للأحرار”، على المشهد السياسي المغربي، بدعم قوي من وسائل الإعلام ومؤسسات اقتصادية كبرى.
لكن بنكيران، رغم كل الضغوط التي مورست عليه من قبل الإعلام والسياسيين، حافظ على هدوئه واحتفظ بشخصيته الفولاذية، ليظهر مرة أخرى بطلًا في مواجهة تلك القوى.
منذ بداية 2023، اشتدت الحملات الإعلامية الموجهة ضد حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، سواء من خلال تقارير غير موضوعية أو تسليط الضوء على أخطاء الحزب في فترات سابقة.
لكن بنكيران، الذي يمتلك حنكة سياسية عالية، نجح في تحويل هذه الهجمات إلى فرص لرفع أسهم حزبه من جديد. استخدم منصات التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية التي يثق بها لدحض الاتهامات وإعادة تعريف نفسه وحزبه كقوة سياسية قادرة على الإصلاح.
استغلال الآلة الإعلامية: بنكيران يملك أوراق اللعبة
لكن الملاحظة الأبرز في المعركة الإعلامية بين بنكيران وأخنوش، هي الطريقة التي استغل بها بنكيران ما اعتُقد في البداية أنه نقطة ضعف. فالأخير، رغم الحملة الإعلامية الضخمة التي صرف عليها أخنوش أموالاً طائلة، نجح في استخدام هذه الحملة لصالحه.
كيف؟ بكل بساطة، عبر الخرجات الإعلامية الجريئة وغير المألوفة التي قدّمها بنكيران، والتي أثارت ضجة واسعة على منصات الإعلام التقليدي والاجتماعي.
بدلاً من أن يكون هدف هذه الحملات الإعلامية الإطاحة به، جعل بنكيران منها أداة مجانية للتسويق لحزبه ولخطابه السياسي. كان يخرج بتصريحات قوية، وبلهجة ناقدة وغير تقليدية، مما دفع وسائل الإعلام التي مولها أخنوش إلى الرد على كل اتهام، لتتحول هذه الردود إلى مادة إعلامية دسمة تُشهر بنكيران بشكل مستمر.
فكلما خرج بنكيران بتصريح، كان الرد الإعلامي من الآلة الإعلامية لأخنوش يأتي سريعًا، ليصبح الموضوع تراند على مواقع التواصل الاجتماعي. وهكذا، دون أن ينفق بنكيران ولو درهمًا واحدًا على الحملات الإعلامية، أصبح هو الموضوع الرئيسي في الصحافة ووسائل الإعلام، مما منحه حضورًا دائمًا في الوعي العام وأدى إلى تعزيز مكانته السياسية بشكل واضح.
هذه الاستراتيجية، التي يتقنها بنكيران ببراعة، منحه فارقًا كبيرًا على خصومه السياسيين. فقد استغل الفضاء الإعلامي بطريقة جعلت كل حملة ضده تتحول إلى فرصة لرفع أسهمه وتقوية شعبيته.
وبذلك، كان بنكيران دائمًا في دائرة الضوء، بينما خصومه يجدون أنفسهم في حالة من الرد المتواصل الذي يستهلك طاقتهم الإعلامية.
بنكيران وحزب العدالة والتنمية: إعادة ترتيب البيت الداخلي
إلى جانب معركة الإعلام، كان بنكيران أمام تحدي أكبر وهو إعادة ترتيب البيت الداخلي لحزب العدالة والتنمية بعد الخسارة الانتخابية التي لحقت به في انتخابات 2021. لكنه نجح في استعادة الزخم داخل الحزب، محاولًا إعادة جذب الكفاءات والشباب إلى صفوفه.
قدم خطابًا جديدًا، موجهًا في جزء كبير منه إلى الأجيال الجديدة، مع التأكيد على ضرورة تحديث خطاب الحزب دون التنازل عن مبادئه الأساسية.
ومع اقتراب الانتخابات المقبلة، يسعى بنكيران إلى تعزيز تحالفات استراتيجية مع أطراف سياسية معينة، في محاولة للوصول إلى تحالفات تضمن له الفوز في 2026.
زفي ظل تراجع الدعم لحزب “التجمع الوطني للأحرار” بسبب فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، يبدو أن فرص حزب العدالة والتنمية في العودة إلى الساحة السياسية قوية، خصوصًا مع قيادة بنكيران.
الثعلب السياسي الذي يراه البعض “مات” لا يزال حيًّا
يُثبت بنكيران مرة تلو الأخرى أنه “الثعلب السياسي” الذي لا يموت بسهولة. ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهه، فإن رجوعه إلى الساحة السياسية ونجاحه في استعادة حزب العدالة والتنمية مكانته في قلب المشهد السياسي المغربي يؤكد قدرة الرجل على المواجهة والنجاح.
وبإتقانه اللعبة الإعلامية، استطاع أن يحوّل الهجوم الإعلامي إلى أداة مجانية لصالحه، ما منحه دائمًا زخمًا لا ينافسه فيه أحد.
وبينما يشهد المغرب تحولات سياسية واجتماعية عميقة، يبقى بنكيران أحد أبرز القادة السياسيين الذين يضعون مصالح وطنهم فوق كل اعتبار. والآن، بعد أن هزم الآلة الإعلامية لأخنوش، يبدو أن بنكيران يقترب خطوة بخطوة من هدفه الأكبر: الفوز في انتخابات 2026 واستعادة مكانته كأحد أقوى اللاعبين السياسيين في المملكة.