هبة زووم – سطات
تعيش مدينة البروج، الواقعة في قلب إقليم سطات، على وقع انفلات أمني خطير غير مسبوق، جعل من سلامة المواطنين وممتلكاتهم مجرد حلم مؤجل في ظل تغول شبكات المخدرات وتراجع دور السلطة في فرض هيبة القانون.
ففي مشهد بات يتكرر يوميًا، أضحت عاصمة بني مسكين مرتعًا خصبًا لترويج مختلف أنواع السموم، من الكوكايين إلى القرقوبي، مرورا بالحشيش والخمور، وكل ذلك يجري أمام أعين الجميع، في وضح النهار، دون رادع أو محاسبة.
المدينة التي لطالما ارتبط اسمها بالهدوء النسبي، تحولت إلى بؤرة سوداء لتفاقم الجريمة، حيث لم تعد حوادث السرقة والاعتداءات تحت التهديد بالسلاح الأبيض أمرًا نادرًا أو مفاجئًا، بل صار جزءًا من الحياة اليومية للساكنة.
مواطنون كثر أصبحوا يضبطون ساعات يومهم على وقع الصراخ والتهديد والفرار، في غياب أي استجابة فورية أو فاعلة من طرف دوريات الدرك الملكي، التي تكاد تكون غير مرئية في أحياء المدينة.
والأخطر من ذلك، أن هناك حديثًا يتصاعد في أوساط السكان عن وجود تواطؤات غير مفهومة، حيث تشير مصادر محلية إلى تورط بعض العناصر في التغاضي عن تحركات المروجين.
ويؤكد السكان أن علامات الثراء السريع بدأت تظهر على بعض هذه العناصر، بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصدر “النعمة المفاجئة”.
غياب القائد الإقليمي للدرك في سطات لأسباب مهنية، وغياب مخاطب مباشر قادر على التجاوب مع نداءات المواطنين، زاد من تعقيد المشهد. فالمنطقة تفتقر إلى إشراف مسؤول قادر على إعادة ضبط البوصلة الأمنية، في وقت أصبحت فيه الشكايات مجرد أوراق تُركن في الرفوف، إن لم تُستخدم أحيانًا كورقة ضغط وابتزاز.
القرقوبي، هذا المخدر الرخيص والثقيل التأثير، صار له سوق حر في البروج، تنتشر أقراصه بين أيدي المراهقين كما لو كانت حلوى، بينما يقف الآباء عاجزين أمام الظاهرة.
أما الكيف والشيرا والكوكايين، فقد صارت عصبًا اقتصاديًا موازياً لاقتصاد المدينة، تُدار شبكاته بسيارات فارهة وأسماء محصنة، يعرفها الجميع ويتفاداها الجميع.
في ظل هذا الواقع، لا يطلب المواطن في البروج الكثير، لا يسعى لمدينة فاضلة، بل يطمح فقط إلى الحد الأدنى من الطمأنينة، يريد أن يكون الأمن أمنًا فعليًا، لا مجرد سيارات رسمية تمر بسرعة لتخفي فشلًا مؤسساتيًا متراكمًا، يريد أن يشعر أن الدولة حاضرة، لا في الخطابات، بل في الشارع، في الأزقة، حيث تحدث الجريمة، لا في تقارير المجاملة.

تعليقات الزوار