هبة زووم – علال الصحراوي
أكادير، المدينة التي حملت على كتفيها ذاكرة المقاومة والكرامة الوطنية، تجد نفسها اليوم في قلب معادلة معقدة، حيث تتحول السياسات المركزية إلى عبء ثقيل على واقعها الاجتماعي والاقتصادي.
في عهد الوالي سعيد أمزازي، تتسع الهوة بين الشعارات الرسمية المرفوعة حول التنمية والعدالة المجالية، وبين الواقع الملموس الذي يعيشه سكان المدينة يوميًا.
الأصوات القادمة من الشارع الأكاديري تتحدث عن تهميش ممنهج يطال البنية الصحية والخدمات الاجتماعية، إذ كيف لمستشفى إقليمي يعجز عن تلبية حاجيات ساكنته أن يُكلَّف باستقبال أعداد إضافية من المرضى القادمين من جماعات أخرى؟ هذا القرار، وفق تعليقات السكان، ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل ترحيل الأزمات نحو الهامش.
التساؤلات تتراكم: أين هي البرامج الحكومية التي وُعد بها شباب أكادير من فرص شغل وسكن لائق؟ ما مصير خطط إدماج المهاجرين في سوق العمل والتعليم؟ ولماذا يُتخذ القرار دائمًا من فوق، دون إشراك الساكنة أو مراعاة طاقاتها الاستيعابية؟
المفارقة المؤلمة أن أكادير، بما تمثله من رمزية وطنية وتاريخية، تتحول إلى محطة إنزال لسياسات عمياء لا تراعي حاجياتها ولا تطلعاتها. هذا الواقع يزرع احتقانًا شعبيًا متصاعدًا، قد لا ينفجر في الشوارع مباشرة، لكنه يختزن بذور “ثورة صامتة”، ثورة لا تحمل السلاح بل ترفع صوتها ضد الإقصاء واللامساواة.
وفي الوقت الذي يطل فيه بعض المسؤولين عبر الكاميرات بربطات عنق أنيقة، مرددين شعارات الوطنية وخدمة الشعب، يزداد شعور المواطن البسيط بأن نصيبه من هذا الوطن يتآكل، وأن ما يُسَوَّق كإصلاح ليس سوى واجهة لتضخيم أرصدة ونفوذ نخبة محدودة.
إن أكادير اليوم ليست مجرد مدينة مهمشة، بل مرآة لسياسة وطنية تحتاج إلى مراجعة جذرية، حتى لا يتحول الغليان الصامت إلى انفجار غير محسوب العواقب.

تعليقات الزوار