afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

كلنا حميد بعلي

د. المريزق المصطفى

فكرت كثيرا قبل كتابة هذه الكلمة..لأشارك بدوري ألام و حزن كل أهالي مغرب الهامش والاستبعاد الاجتماعي، على اثر وفاة أحد المواطنين المغاربة، حميد بعلي، وهو في ريعان شبابه (30 سنة)..بعد ان عثر على جثته الهامدة والغارقة في الثلوج حتى العظم.. 
فكرت كثيرا قبل كتابة هذه السطور..لأن المرحوم حميد بعلي مات في عاصفة ثلجية بجبل ” بويبلان”، أمام أنظار قطيع غنمه الذي كان مصدر عيشه الكريم..وهي وفاة تسائل كل ضمير حي بدون مزايدات ولا تهويل مصطنع.

وفاة في ظروف خاصة جدا، عنوانها: غياب الحماية الاجتماعية والكرامة..في مغرب تداس فيه كل يوم العدالة المجالية لصالح أقلية لا تعرف رعاة الغنم ولا “بويبلان” ولا المناطق المجاورة لها أو تلك التي تشبهها على مدار المغرب العميق..

وفاة هذا الشاب الذي لم يختر ان يكون “راعي الغنم”..عنوان جديد من عناوين واقع اللامساواة والقهر الطبقي.. وهو الذي جعله التقسيم اللامتكافئ للعمل وللعيش، قسرا، يكابد من اجل لقمة العيش رغم مرارتها..وهي فاجعة تذكر كل واحد منا بماضي طفولته، و واقع بلدته وقبيلته، وشروط وظروف نشأته..حيث كنا سنكون جميعا رعاة الغنم والمعز..مثل المرحوم حميد بعلي..

قساوة الطقس ليست هي السبب..والعاصفة الثلجية ليست هي السبب.. وأكوام الثلج التي غطت جثة الفلاح الكادح ليست هي السبب.. وعلو جبل “بويبلان” ليس هو السبب..وتأخر عملية الإنقاذ والتدخل في الجبال ليست هي السبب..وقطيع الغنم الذي كان يرعاه المرحوم ليس هو السبب..!!!

إن السبب هو وجود مغرب آخر يعيش في مناطق معزولة ووعرة الولوج..ولا نعرف عنه أي شيئ..ولا نتعرف عليه إلا في أحداث و واقئع الفاجعة..هذا المغرب الذي لا تصله الاغاثة ولا حتى بقايا الثروة..هذا المغرب المنسي الذي ينتمي اليه كل مغربي قبل التنكر إلى ترابه وجبله وطعامه وشرابه..هذا المغرب الذي يعتبر اليوم وصمة عار على جبين الفاعل، المتعلم والعالم، المثقف والسياسي..
النقابي والمدني..الحكومي والترابي..

ونحن على مقربة من عيد الاستقلال..وتفصلنا أسابيع قليلة عن سنة ميلادية جديدة.. وعن قانون مالية 2019 “جديد” يكرس نفس الوضع والآهات..

إن السبب هو أنانية الفاعل، الذي يتحدث عن أحوال الطقس من المركز..هو الذي يتغطى من الحرير ووبر الأرنب..وهو الذي يعيش طوال السنة بالمكيفات الهوائية مع توفير المناخ المناسب لسائر أعضائه الجسدية وفعالياته الذهنية ومضاداة الفيروسات والبكتريا..في أجواء خفض الحرارة صيفا ورفعها شتاء..

إن السبب هو حينما يتحول المغرب مرتعا خصبا يجب ضمان العيش فيه بسلام، ومزرعة تابعة للنفوذ..وحكرا على بعض العائلات والنخب…

ختاما، سنواصل المشوار..وسنظل نكتب ونكابر بدون عياء او ملل..من أجل مغرب المستقبل.. في انتظار الموت أو قطار الحياة..!

المريزق المصطفى

أستاذ باحث بجامعة المولى اسماعيل- بمكناس. المغرب

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد