هبة زووم – أبو العلا العطاوي
عندما وقف نيرون في شرفة قصره يتمتع برؤية روما وهي تحترق بكامل مجدها، كان يقف إلى جانبه مرافقه الفيلسوف رينون، فسأله نيرون كيف وجد منظر روما وهي تحترق، فقال له الفيلسوف: “إذا احترقت روما فسيأتي من يعيد بناءها من جديد، وربما أحسن مما كانت عليه، لكن الذي يحز في نفسي هو أنني أعلم أنك فرضت على شعبك تعلم شعر رديء فقتلت فيهم المعاني، وهيهات إذا ماتت المعاني في شعب أن يأتي من يحييها من جديد”.
تذكرت هذه الحكاية التاريخية وأنا أتأمل حال مدينة القصر الكبير اليوم مع منتخبيها، ففهمت أن ما وصلت إليه من الفوضى و”السيبة” على مختلف المستويات مردها ما جاد به عنوان الفيلم التلفزيوني المصري “مرجان أحمد مرجان”، يعني أن مشكلتنا الحالية في مدينة القصر الكبير ليست اقتصادية ولا سياسية، وإنما بفعل المسؤولين الذين لم يقدروا المسؤولية حق التقدير، ولم يكونوا سوى أشباه رجال، خان من وضعهم سوء الاختيار، ربما بسبب كونهم معينون بـ”المنطاد”، على حساب الجدارة، فخان من وضعهم سوء الاختيار.
لم أعتقد يوما ان ذقوننا مهمة لهذه الدرجة، فدونها لن تجد عائلة السيمو من تضحك به علينا، تلك هي لعبة الضحك على الذقون.. لعبة الأب والبنت المصون حينما كتبت على حائطها بالفايسبوك: “ان الأحداث الأخيرة التي عاشتها مدينة الفنيدق والمتمثلة في التغرير بالقاصرين ودفعهم نحو المجهول، وذلك عبر ترويج اشاعة ال15 شتنبر المسمومة، يعتبر صدمة مجتمعية بكل المعايير.. اذ أن هذه الفئة لازالت في سن التمدرس أي في سن لايسمح لها باتخاذ القرار الامثل في مسار حياتها، الا اذا تم التغرير بها وتقديم وعود سرمدية لها، تتمثل في الوصول إلى الفردوس المفقود على حد تعبيرهم.. إننا اليوم أمام حقيقة صادمة. كيف تم التخطيط والتدبير لكل هذا!!! أهذا تخطيط قاصرين؟!! لا أعتقد ذلك”.
وأضافت السيمو في تدوينتها قائلة: “يجب أن نكون موضوعيين و واقعيين كذلك، يجب التفكير في حماية أطفالنا و امهاتهم بالدرجة الأولى لأنه لو كان خلف هؤلاء الأطفال والمراهقين أسر تستطيع حمايتهم من تاثيرات مواقع التواصل الاجتماعي لكان الوضع مختلف اليوم،ونحن بدورنا كنا و لازلنا نطالب بخلق البدائل لمن كن يمتهن التهريب المعيشي بمعبر باب سبتة، وقد كانت لي مداخلة أمام السيد والي الجهة ورئيستها حينما كنت عضوة بالجهة في الولاية السابقة مارس 2021، حيث طلبنا فيها بإيجاد حلول آنية، لخلق بدائل حقيقية وملموسة لهذه الفئة من مجتمعنا المغربي العزيز”.
وانهت السيمو تدوينتها قائلة: “فبعد تنزيل كبرى الاوراش المجتمعية في تاريخ مملكتنا الشريفة، المتمثلة في تعميم التغطية الصحية والدعم المباشر، فقد حان الوقت للتركيز على التشغيل، ادا لا يمكن باي طريقة تحميل حكومة عزيز اخنوش المسؤولية لان الحقيقة يعرفها الجميع سنتين ونصف لا يمكن أن تمحوا سنوات طوال من الإخفاقات التي تراكمت في عهد السابقين، كما أنه لاداعي للمزايدات السياسوية الضيقة، وتجزيئ الحقيقة والمبادئ الرزينة.. نعم انها محطة فاصلة في تاريخ مجتمعنا ودعوة لفتح نقاش مجتمعي نضع فيه قبعاتنا وتلويناتنا السياسية جانبا ولنعمل جنبا إلى جنب من أجل واقع ومستقبل جميل وأفضل بإذن الله”.
الخطير في هذه التدوينة أنها صادرة عن السيمو البنت، وهي التي تعرف قبل أي شخص آخر أن ما حدث فقط في مدينة القصر الكبير من قتل للتنمية وآمال الساكنة كفيلة لوحدها لدفع كل الساكنة على مغادرة المدينة حتى ولكن كان ثمن الرحلة حياتهم غرقا في بحر الظلمات، هروبا ممن فرضوا عليهم قسرا وأكلوا الغلة وأصبحوا اليوم يتباكون مع البكائين على حال البلد وما يحدث فيها.
فاليوم من يرى تدوينة سيمو المتباكية على وضعية البلد وعلى شباب المغرب، الذي اختاروا الارتماء في أحضاء البحر هربا من تغول منتخبين اختارو أكل الأخضر واليابس بالبلد، يظن أنه أمام سياسية منتمية لأحزاب اليسار الجدري، وهي وحزبها الذي قتلو أحلام هذا الشباب واليوم يمشون في جنازته متباكين.
السيمو تخرج اليوم في تدوينتها “بلا حشمة ولا حياء”، وهي بالأمس التي قتلت الديمقراطية داخل حزبها بجهة طنجة الحسيمة تطوان وودأت آمال شابات كن يظنن أنهن سيجدن في هذا الحزب حلا سحريا لمشاكلهن، فيكفي أن نعود لمراسلة المستشارة هيام الكلاعي للمنسق الجهوي للحزب رشيد الطالبي العالمي، والتي تشتكي فيها سيطرة وهيمنة أسرة السيمو على مفاصل الحزب، وعادت بمراسلة جديدة إلى نفس الجهة، تشتكي خلالها هذه المرة من ابنة البرلماني محمد السيمو، البرلمانية و رئيسة المنظمة الجهوية للمرأة التجمعية زينب السيمو.
زينب السيمو، المتابكية اليوم حال شباب المغرب، وضعت يدها في الأمس القريب، وبدفع من أبيها المتابع في عدة ملفات، على مفاصل الحزب وعملت على إقصاء كل الطاقات واعتماء مبدأ واحد ووحيد ألا وهو الولاء والتبعية لأسرة السيمو.
هذا، ونهمس في أذن زينب السيمو أن ما دفع شباب المغرب للمشاركة في الهجرة الجماعية لـ”15 شتنبر” أن حزمة من الكيانات السياسية بالمغرب لم تجدد عرضها السياسي للتفاعل مع أسئلة وتطلعات هذا الشباب، حيث أن الأزمة التي دخلت إليها أغلب مناطق المغرب تعزى إلى استمرار نفس الوجوه في التناوب على المسؤوليات باختلافات طفيفة في توزيع كعكة المناصب عبر بوابة كل استحقاق انتخابي.
وهو ما يجعل وقع هذه العملية لا يثمر إنجازات تساير تطلعات هذا الشباب التواق للتغيير، كما أن استمرار اعتبار بعض المدن الهامشية “كراج” ثاني لأم الوزارات، وزارة الداخلية وباقي الوزارات المركزية، من خلال إيفاد مسؤولين لتدبير شؤون مصالح هذه المدن، يطلون على التقاعد تارة، أو في إطار تنقيل عقابي، يزيد الطينة بلة ويدفع ساكنة هذه المدن لاختيار بطن الحوت على بطون مسؤولين اختاروا الاجهاز على كل شيء.
وأن فشل جل الهيئات السياسية، سيدتي، مرده ضعف التأطير والتكوين والاستقطاب، والابتعاد عن الأدوار الحقيقية للأحزاب المتجلية في لعب دور الوساطة بين مطالب الشعب ومؤسسات الدولة، ما يجعل معظم الشباب يختار الانزواء ومقاطعة كل استحقاق انتخابي، لتذمرهم من الوعود التي تتبخر بمجرد الإعلان عن النتائج الانتخابية، في وقت تبقى شريحة الكهلة والشيوخ والمعمرات هي الفئة المستهدفة والمرغوب فيها لرفع نسبة التصويت وترجيح جهة على أخرى.
وفي الأخير، نقول لك سيدتي زينب سيمو أن تدوينتك هي إدانة لك ولمن دفع بك إلى مقاعد المسؤولية وهو يعلم علم اليقين أنك لن تكوني سوى آلة للتصويت لضمان الأغلبية العددية لحزب فشل في كل شيء، وأنه كان حري بك الصمت أمام ما يحدث لأنك جزء أصيل من المشكل، رحمة بهذا الشباب، الذي تقتليه اليوم للمرة الثانية بدرف دموع التماسيح عليهم بعد أن قمت بقتلهم في المرة الأولى عبر الابتعاد عن هموهم.
تعليقات الزوار