رغم وجود المادة 9.. محكمة بالرباط تصدم الجماعة الحضرية للبيضاء وتقضي بإمكانية الحجز على أموالها

هبة زووم – محمد خطاري
يشكل القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بشأن حجز أموال الجماعة الحضرية للدار البيضاء سابقة قضائية مهمة، تثير تساؤلات حول تفاعل القضاء مع التشريعات المتعلقة بحماية أموال الدولة والجماعات الترابية.
هذا القرار يطرح العديد من التساؤلات حول التوازن بين حماية الحقوق الفردية وتأمين مصالح المجموعات، خاصة في ظل التزامات الجماعات الحضرية المتزايدة.
القضية التي تدور حول تنفيذ حكم قضائي نهائي يقضي بأداء مبلغ مالي كبير من قبل الجماعة الحضرية لصالح شركة خاصة.
ورغم وجود المادة 9 من مشروع قانون المالية 2019 التي تنص على منع الحجز على أموال الدولة و الجماعات الترابية، إلا أن المحكمة قررت تخصيص هذا الحماية بأجال زمنية محددة، مع إمكانية الحجز في حالة عدم السداد في الآجال المحددة.
واعتبرت المحكمة أن إجراءات الحجز قد بدأت قبل صدور القانون الذي يحمي أموال الجماعات الترابية من الحجز، وبالتالي لا يسري عليها هذا القانون.
وأكدت المحكمة على ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية النهائية، واعتبرت أن امتناع الجماعة الحضرية عن السداد يعتبر تخليا عن حقها في الاستفادة من الحماية القانونية.
وحددت المحكمة آجالاً زمنية محددة لسداد الديون، مع إمكانية الحجز على أموال الجماعة في حالة عدم السداد في هذه الآجال، حيث سيزيد هذا القرار من الضغوط المالية على الجماعات الحضرية، خاصة في ظل الالتزامات المتزايدة التي تقع على عاتقها.
كما سيؤدي هذا القرار إلى نقص السيولة الناتج عن الحجز على الأموال إلى تدهور جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، كما قد يردع هذا القرار المستثمرين عن التعامل مع الجماعات الحضرية، خوفاً من تأخر أو عدم سداد المستحقات، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية الحماية القانونية لأموال الدولة والجماعات الترابية.
وفي سياق متصل، يتطلب هذا القرار تعديل التشريعات المتعلقة بحماية أموال الجماعات الترابية، لتحديد آليات أكثر مرونة لتنفيذ الأحكام القضائية، مع ضمان حماية مصالح المواطنين
وأمام هذا القرار، أصبح لزاما على الجماعات الحضرية تعزيز الشفافية والمحاسبة في إدارة أموالها، لتجنب الوقوع في مثل هذه المواقف، كما يجب على الجماعات الحضرية والسلطات المركزية تطوير آليات للتنسيق والتعاون، لتوفير الموارد اللازمة لتلبية احتياجات المواطنين.
اليوم يمكن القول على أن هذا القرار يعتبر نقطة تحول في العلاقة بين القضاء والإدارة في المغرب، ويثير العديد من التساؤلات حول التوازن بين حماية الحقوق الفردية وحماية المصلحة العامة.
كما يتطلب هذا القرار نقاشاً مجتمعياً واسعاً، بهدف إيجاد حلول توافقية تضمن حماية حقوق الجميع، وتضمن في نفس الوقت تقديم خدمات عمومية ذات جودة عالية.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد