هبة زووم – أبو العلا العطاوي
رغم وعود الحكومة المتكررة باحتواء أزمة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، إلا أن الواقع يعكس فشلًا ذريعًا في تحقيق أي انفراج ملموس.
الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة، مثل السماح باستيراد اللحوم المجمدة ورؤوس الماشية الحية، لم تخفف من معاناة المستهلكين، بل أصبحت وسيلة لإثراء لوبيات وشخصيات نافذة قريبة من دوائر القرار، على حساب الشعب المغربي الذي يئن تحت وطأة الغلاء.
تضارب وجهات النظر حول أسباب الأزمة
عبد الرحمان المجدوبي، رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، وهو من أبرز العارفين بخبايا القطاع، ينفي بشكل قاطع أن يكون هناك نقص في القطيع الوطني.
ويؤكد الرجل أن الأرقام التي كشفت عنها الجمعية تُظهر وفرة في الماشية، حيث تم إحصاء 6.5 ملايين رأس خلال عيد الأضحى الماضي، مع وجود 1.5 مليون رأس غير مرقمة.
ويرى المجدوبي أن السبب الحقيقي للأزمة يكمن في ارتفاع كلفة الإنتاج، خصوصًا أسعار الأعلاف، مشددًا على أن سوء تدبير القطاع هو العقبة الأساسية أمام استقرار الأسعار.
على الجانب الآخر، يتبنى الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، رأيًا مختلفًا، إذ يعزو الأزمة إلى تراجع القطيع الوطني بسبب الجفاف وأسباب أخرى.
ويشير إلى أن استمرار ذبح النعاج القادرة على الإنجاب أدى إلى اختلال في العرض والطلب، محذرًا من أن الأسعار ستظل مرتفعة إلى أن يتم إعادة تشكيل القطيع الوطني.
ورغم إقراره بأن التدابير الحالية، مثل استيراد رؤوس الماشية، هي مؤقتة، إلا أنه يعتبرها جزءًا من الحل المرحلي للأزمة.
من المستفيد من هذه الأزمة؟
في ظل استمرار الغلاء، يزداد استياء المواطنين الذين يرون أن هذه السياسات لم تُفد سوى اللوبيات وتجار الأزمات، فالإجراءات الحكومية التي يفترض أن تخفف من الأسعار تحوّلت إلى وسيلة لإغناء فئة محددة على حساب الشعب، ما يعكس غياب رؤية استراتيجية تُلبي تطلعات المواطنين وتحقق العدالة الاجتماعية.
ويتساءل المغاربة: أين ذهب الدعم الحكومي المخصص لدعم الإنتاج وخفض الأسعار؟ ولماذا لم تُترجم هذه المساعدات إلى انخفاض فعلي يلمسه المواطن؟
يبدو أن الحكومة اختارت الانحياز إلى مصالح اللوبيات بدلاً من اتخاذ قرارات جريئة لإصلاح القطاع ووضع حد لجشع الوسطاء.
فتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين
إن الأزمة الحالية لم تعد فقط مسألة ارتفاع أسعار اللحوم، بل باتت أزمة ثقة في الحكومة ورئيسها الذي اختار الاصطفاف إلى جانب اللوبيات وتجار الأزمات.. هذه السياسات، التي تفتقر إلى أي رؤية استراتيجية، تدفع نحو تعميق الأزمة بدلًا من حلها.
وعليه، فإن الضرورة تقتضي فتح تحقيق عاجل وشامل في كل أشكال الدعم الذي خصصته الحكومة لهذه اللوبيات، والتي أظهرت فشلًا ذريعًا في خفض الأسعار، كما أن محاسبة المسؤولين عن تبديد المال العام دون نتائج ملموسة يجب أن تكون على رأس الأولويات.
الشعب المغربي يستحق حكومة تعمل لصالحه، لا حكومة تختار الثراء لفئة ضيقة على حساب معاناته اليومية.
إن استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي، ما يضع رئيس الحكومة أمام مسؤولية تاريخية لإصلاح هذا الوضع قبل أن تتفاقم الأمور أكثر.

تعليقات الزوار