هبة زووم – محمد خطاري
تصاعدت حدة الانتقادات داخل البرلمان المغربي بعد اتهامات وجهها النائب مصطفى إبراهيمي، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، لحكومة عزيز أخنوش بـ”التغوُّل على الدستور” و”إفراغ المؤسسات من دورها الرقابي”.
جاء ذلك في تصريحٍ مُفصَّل نشره الموقع الرسمي للحزب، كشف فيه عن ممارساتٍ وصفها بـ”الخطيرة”، تمسُّ جوهر العمل الديمقراطي وتُهدِّد ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
أبرز إبراهيمي في تصريحه أن رئيس الحكومة يُهمِّش الجلسات الشهرية الدستورية، ويتغيب عنها لشهور، وعندما يحضر يُحدِّد بنفسه الموضوعات المطروحة، مُحوِّلًا هذه الجلسات إلى “طقوس شكلية بلا مضمون”، وهو ما يُناقض المادة 101 من الدستور التي تُلزم الحكومة بحضور جلسات المساءلة، مضيفا على أن هذا النهج يعكس “استفرادًا بالسلطة” يُكرِّس هيمنة السلطة التنفيذية على التشريعية.
ولم تكن انتقادات إبراهيمي مقتصرة على غياب رئيس الحكومة، بل امتدت إلى اتهامات بـ”تضارب المصالح” داخل أروقة الحكومة.
وكشف النائب البرلماني عن استغلال أخنوش منصبه لترويج مشاريع شركته الخاصة، مُشيرًا إلى أن وزراء آخرين، مثل وزير التعليم الذي يمتلك شركة حلويات، ووزير الصحة “أمين التهراوي” الذي عمل سابقًا في شركة تابعة لزوجة رئيس الحكومة، يشاركون في هذه الممارسات التي تُضعف نزاهة العمل الحكومي.
أما على مستوى التفاعل مع البرلمان، فقد كشف إبراهيمي عن أرقامٍ صادمة: فقد أجابت الحكومة على 13 سؤالًا كتابيًّا فقط من أصل 187، وتجاهلت 12 طلب إحاطة من أصل 14، وهو ما يعكس – بحسبه – “نفورًا من الحوار” و”استخفافًا بالدور الرقابي للمؤسسة التشريعية”.
وأوضح أن هذا التجاهل يتجسد أيضًا في التعامل مع مشاريع القوانين، حيث تفرض الحكومة رؤيتها دون مراعاة مقترحات المعارضة، كما حدث في مناقشة قوانين الحماية الاجتماعية والإضراب، ما دفع نواب المعارضة إلى الانسحاب من لجنة التشريع احتجاجًا.
وفي سياق متصل، حذَّر إبراهيمي من تداعيات استمرار هذه السياسات، مؤكدًا أنها تُعمِّق أزمة الثقة بين المواطنين والدولة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب، مثل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
واعتبر أن “التغوُّل الحكومي” ليس مجرد انتهاك دستوري، بل هو إعادة لإنتاج منطق “التحكم والتسلط” الذي يُهدِّد المسار الديمقراطي برمته.
هذه التصريحات تأتي في وقتٍ تشهد فيه الساحة السياسية المغربية توترات متصاعدة، خاصة مع اقتراب الانتخابات البلدية لعام 2026، والتي اتهم إبراهيمي الحكومة بالتحضير لها عبر تعييناتٍ “مُسيَّسة” في المؤسسات العمومية، بهدف التحكم في مفاصلها.
ويبقى اليوم السؤال الأبرز: هل ستُترجم هذه الانتقادات إلى تحركات برلمانية أو شعبية قادرة على كبح جماح “التغوُّل الحكومي”، أم ستظل حبرًا على ورق في ظل اختلال موازين القوى؟

تعليقات الزوار