سيدي بنور تطوي صفحة العامل بوكوطة ورحيله لا يُغلق سجل النقد والمساءلة

هبة زووم – إلياس الراشدي
في لحظة وُصفت بـ”المُنتظرة” من قِبل عدد من المتتبعين، طُويت أخيرًا صفحة العامل السابق لإقليم سيدي بنور بوكوطة، بعد قرار نقله إلى رأس عمالة إقليم ابن سليمان.
قرار اعتبره الكثيرون نهاية مرحلة شابها كثير من الجدل، ومثّل في الوقت ذاته انطلاقة لطرح أسئلة جديدة حول حصيلة الرجل وسلوكه الإداري خلال مقامه بالمنطقة.
فمنذ تعيينه على رأس الإقليم، لم يغب اسم العامل بوكوطة عن النقاشات المحلية، سواء في الصحافة أو على لسان الفاعلين السياسيين والمدنيين، حيث وُجهت إليه انتقادات واضحة ومباشرة بشأن عدد من قراراته التي أثارت تساؤلات، سواء من حيث الجدوى أو التوقيت أو الخلفيات.
في “هبة زووم”، لم نكن يوما نكتب من فراغ، ولم نحمل راية النقد لمجرد النقد. لقد كانت ملاحظاتنا مبنية على معطيات واقعية، وسلوكات موثقة، ووقائع أثارت نقاشًا عموميًا مستحقًا، وهو ما يؤكد أن النقد لم يكن مزاجيًا أو انتقائيًا، بل نابضًا من ضمير المتابعة والحرص على المصلحة العامة.
سيدي بنور، هذه الأرض التي لم تفقد يوما نبضها الحر، ظلت وفيّة لتقليد راسخ في تتبع أداء المسؤولين العموميين، بمن فيهم من تعاقبوا على الإدارة الترابية.
ففي هذه المدينة، لا تُوزّع صكوك الغفران بالمجان، ولا تُباع المواقف مقابل المناصب أو المجاملات. إنها ذاكرة لا تنسى، ومجتمع لا يقبل إلا بالوضوح والمحاسبة، مهما تغيّرت المواقع أو تغير أصحابها.
اليوم، ومع رحيل العامل بوكوطة، لا تعني الصفحة المطوية نهاية كل شيء. فالرأي العام المحلي، شأنه شأن الوطني، يتابع بدقة أداء من يُسند إليهم تدبير الشأن العام، ويمتلك من الوعي ما يكفي لتمييز الفعل الجاد من الاستعراض، والمصلحة العامة من الحسابات الشخصية.
لقد حصّنا أنفسنا منذ زمن طويل ضد ثقافة الخوف، وضد كل أشكال الترويض النفسي والمؤسساتي. قول الحقيقة دون تجميل هو ما آمنّا به، وما نواصل القيام به.
فمن أحسن، فله التقدير، ومن أساء، فعليه أن يتحمّل تبعات قراراته أمام ضميره وأمام التاريخ، قبل أن يكون أمام المواطن أو الدولة.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد