هبة زووم – الرباط
أعرب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن مخاوفه من محاولات المس باستقلالية النيابة العامة، محذرًا من أن هناك توجهًا لتحويلها إلى مؤسسة محدودة الصلاحيات تعمل وفق إملاءات جهات إدارية معينة.
وأوضح أن الوكيل العام بمحكمة النقض لا يمكنه مباشرة المتابعات القضائية في قضايا الفساد إلا بعد تلقي تقارير رسمية من المجلس الأعلى للحسابات أو مفتشية وزارة الداخلية أو الهيئة العليا للنزاهة، وهو ما وصفه بـ”التقييد المسبق لصلاحيات النيابة العامة”، مما يحد من فعاليتها في مكافحة الفساد.
جاءت تصريحات الغلوسي خلال ندوة نظمتها فيدرالية اليسار الديمقراطي، يوم السبت بالدار البيضاء، تحت عنوان “مبادرات لمحاربة الفساد: سرطان ينهك المجتمع ويعطل التنمية”.
وأكد أن الفساد أصبح متجذرًا في بنية المجتمع المغربي، ويرتبط بشكل وثيق بمسار الانتقال الديمقراطي، مشيرًا إلى أن الدول التي تعاني من الاستبداد تشهد تفشيًا أوسع للفساد، في حين تسعى الأنظمة الديمقراطية للحد منه عبر آليات الرقابة والمحاسبة.
وأضاف الغلوسي أن التطبيع مع الفساد بلغ مستويات مقلقة، لدرجة أن بعض الجهات لم تعد تخجل من التفاخر به، مؤكدًا أن هذه الظاهرة تعرقل مسار التنمية وتكرس غياب العدالة الاجتماعية.
كما نبه إلى أن ضعف الفعل السياسي وتراجع النقاش العمومي جعلا الصحافة والمجتمع المدني في مواجهة مباشرة مع استشراء الفساد، في ظل تقهقر دور الأحزاب السياسية التي أصبحت عاجزة عن القيام بوظيفتها الرقابية.
وفي هذا السياق، انتقد الغلوسي ما وصفه بـ”تحول حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى كيان صامت”، بعد أن كان في السابق ركيزة أساسية للدفاع عن الحقوق والحريات العامة.
واعتبر أن هذا التحول يعكس نجاح بعض الجهات في “ترويض الفاعلين السياسيين والمنتخبين”، وهو ما أدى إلى تدهور المشهد السياسي وفقدان المواطنين للثقة في المؤسسات.
وفي ختام مداخلته، شدد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام على ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني والإعلام المستقل في التصدي للفساد، مطالبًا بإصلاحات عميقة تكفل استقلالية القضاء وتعزز الرقابة على تدبير المال العام، بما يضمن ترسيخ مبادئ الشفافية والمحاسبة، ويساهم في بناء دولة قائمة على العدالة والديمقراطية.

تعليقات الزوار