الدار البيضاء تحت قبضة الفساد أو عندما تتلاعب القوى السياسية بمستقبل المدينة

هبة زووم – إلياس الراشدي
تعد مدينة الدار البيضاء قلب الاقتصاد المغربي وأكبر حاضرة في البلاد، لكنها للأسف أصبحت رمزا للفساد وضعف التسيير.
الفوضى التي تسود في مختلف المجالات قد أثرت على الحياة اليومية للمواطنين وأضعفت هيبة الدولة، مما حول هذه المدينة إلى بؤرة سوداء للعبث والاستهتار بالقوانين.
فالتسيير الضعيف، والفساد المنتشر في الكثير من الإدارات المحلية، يترك المواطن في مواجهة مع معوقات لا حصر لها.
إحدى أكثر القضايا المثيرة للجدل في الدار البيضاء هي الشبكات المنظمة التي تقوم بالسطو على العقارات السائبة.
هذه الشبكات تمكنت من التلاعب بمقررات جماعية واتفاقيات تمت المصادقة عليها من قبل المجالس المنتخبة، ما يعكس ضعف الرقابة وضياع الحقوق في أكبر مدينة مغربية.
وفي ظل هذا الوضع، نجد أن كبار السياسيين يسعون للحصول على الدعم من خلال «الطوالين»، تلك الوسائل التي يستخدمها البعض لضمان دخولهم إلى المناصب العليا، ولو كان ذلك على حساب المصلحة العامة.
الحرب ضد الفساد لا يمكن أن تقتصر على «وجه واحد فقط»، بل يجب أن تشمل جميع المستويات وتستند إلى إرادة حقيقية.
وإن كانت هناك اجتهادات بخصوص محاربة الفساد، إلا أن الواقع يعكس عكس ذلك، حيث يظهر أن الإجراءات المتخذة في هذا المجال غالباً ما تكون محدودة وغير فعالة.
لذلك، يبقى السؤال: هل تمتلك الدولة الإرادة الحقيقية للقضاء على الفساد ومحاسبة المفسدين، أم أن هناك تسويفاً ومهادنة في التعامل مع القضايا الكبرى التي تهدد استقرار المجتمع المغربي؟
الملفات العقارية في الدار البيضاء تعتبر من أبرز القضايا التي تكشف عن حجم الفساد المستشري في المدينة.
وتعتبر قضية اليوم والتي أصبحت قضية الساعة والتي تواطأت فيها شخصيات وازنة بطلها هو الآن شخصية نافذة كبيرة وقيادية في الحزب الذي يقود الحكومة.
ونتحدث هنا عن المسؤول الجماعي الذي فوت أرضا من أراضي الدولة لزوجته بحي الوازيس، والتي تبلغ قيمتها حاليا أكثر من 80 مليار سنتيم، واحدة من هذه القضايا الفضائحية.
هذه الأرض تم تفويتها بطرق مشبوهة قبل أن تقوم الزوجة بتفويتها مرة أخرى إلى الزوج نفسه على شكل «صدقة»، في عملية تجسد مدى تلاعب الفاعلين السياسيين بالقوانين والموارد العامة.
الدار البيضاء، التي يفترض أن تكون مدينة للفرص والنمو، تحولت إلى ساحة لصراع النفوذ والفساد، وبدلاً من أن تكون نموذجاً للإصلاح والعدالة، باتت تعكس صورةً قاتمة للواقع الذي يعيشه المواطن المغربي.
محاربة الفساد، إذا كانت ستنجح، تتطلب إصراراً وإرادة حقيقية من الجميع، بعيداً عن الصفقات السياسية التي تكرس الظلم والفساد.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد