القصر الكبير: عندما تتحول التنمية إلى ورق والسيمو إلى ظل يستقوي بالعامل بوعاصم العالمين

هبة زووم – الحسن العلوي
في الوقت الذي تشهد فيه المدن المغربية تحولات تنموية كبرى، ترزح مدينة القصر الكبير تحت وطأة التراجع والجمود، في مشهد يعكس خللاً بنيوياً في الحكامة، وافتقاداً للرؤية، وسط اتهامات صريحة لرئيس جماعة القصر الكبير محمد السيمو بتحويل المدينة إلى “جزيرة للعبث”، مستفيداً من صمْت السلطة الإدارية ممثلة في العامل بوعاصم.
خلال الدورة العادية لشهر ماي، كشف مجلس جماعة القصر الكبير عن مشهد عبثي بلغ مستويات غير مسبوقة من الفوضى وانعدام الانسجام، حيث ظهرت هشاشة التحالفات السياسية التي لم تعد تربطها سوى شعارات انتخابية فقدت صلاحيتها، بينما بدا الرئيس السيمو عاجزاً عن ضبط إيقاع فريقه، مكتفياً بدور المتفرج في مسرحية بلا مخرج.
العديد من المشاريع التي وُعدت بها ساكنة المدينة بقيت حبيسة دفاتر التحملات وصفحات الدراسات، دون أن تجد طريقها إلى أرض الواقع. لا تأهيل حضري تحقق، ولا استراتيجية تنموية أُنجزت، بل مجرد أحلام مؤجلة، تتآكل تحت ضغط العشوائية والتسيير المرتجل.
وبينما كانت الآمال معقودة على استثمار الموقع الجغرافي الاستراتيجي للقصر الكبير، كحلقة وصل بين قطبين اقتصادي وسياحي، من أجل تحويلها إلى مركز صناعي نظيف يخلق فرص الشغل ويرفع مداخيل الجماعة، تحوّل الحلم إلى كابوس. مدينة غارقة في مشاكل مزمنة: تجول الدواب، الكلاب الضالة، ضعف الإنارة، وانعدام مرافق ثقافية وترفيهية.
الأدهى من ذلك، أن ما يُتداول في الأوساط المحلية والسياسية، يؤكد أن الرئيس السيمو لم يعد يستند إلى المشروعية الديمقراطية أو الشعبية، بل بات يستقوي بالعامل بوعاصم، الذي لم يُظهر أي موقف حازم أمام حالة الانهيار التدبيري، ما يُثير أسئلة عميقة حول دور السلطة الإدارية في حماية القانون والسهر على الصالح العام.
القصر الكبير اليوم ليست سوى مدينة على الورق، تسكنها مشاريع وهمية وتُسيّرها قرارات مرتجلة، بينما تُحاصرها لوبيات العقار من كل الجهات، وتغيب فيها الدولة بوجهها الرصين، تاركة المجال مفتوحاً لعبث التحالفات ومضاربات المصالح.
فهل ما يحدث بالقصر الكبير مجرد عثرة في مسار جماعة محلية، أم هو نموذج مصغر لإخفاقات بنيوية تتطلب تدخلاً مركزياً يعيد للمدينة اعتبارها ولمواطنيها كرامتهم؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد