هبة زووم – محمد خطاري
لم تمر سوى ساعات على إعلان استقالته حتى فاجأ البرلماني عن دائرة الفداء مرس السلطان، محمد التويمي بنجلون، الجميع بتراجعه عنها، في خطوة أربكت المشهد السياسي وأثارت تساؤلات عميقة حول صدقية المواقف داخل الأغلبية الحكومية التي يعيش أحد أكثر فصولها ارتباكًا منذ تشكيلها.
مصادر برلمانية أكدت أن التويمي تراجع رسميًا عن استقالته، بعد ضغوط مكثفة من داخل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي اعتبر قراره المفاجئ “تصرفًا غير منسق” من شأنه أن يُضعف صورة الحزب داخل التحالف الحكومي الذي يقوده عزيز أخنوش.
ورغم أن استقالة التويمي كانت قد لقيت ترحيبًا واسعًا في الأوساط الشبابية باعتبارها أول خطوة سياسية جريئة تتفاعل مع احتجاجات جيل “Z”، إلا أن تراجعه السريع عنها أعاد النقاش إلى نقطة الصفر، وأثار خيبة أمل كبيرة لدى من رأوا فيها بوادر صحوة ضمير داخل المؤسسة التشريعية.
وأكدت مصادر متطابقة أن استقالة التويمي لم تكن قد استكملت مسارها الإداري داخل مجلس النواب، ما جعله قانونيًا قادراً على سحبها، وهو ما فعله بالفعل، ليواصل ممارسة مهامه النيابية بشكل عادي باسم فريق الأصالة والمعاصرة، مع تأكيد حضوره المرتقب في الجلسة الافتتاحية للسنة التشريعية الجديدة، يوم الجمعة المقبل.
تراجع التويمي عن قراره أثار موجة انتقادات لاذعة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر ناشطون أن ما جرى “مسرحية سياسية فاشلة” هدفها امتصاص غضب الشارع، لا أكثر. فيما ذهب آخرون إلى القول إن “من لا يصمد في موقفه لساعات، لا يمكن الوثوق في وعوده لسنوات”.
وكان البرلماني ذاته قد برّر استقالته، في رسالة رسمية وجّهها إلى رئيس مجلس النواب، بأنها “قرار أخلاقي ومسؤول أمام المواطنات والمواطنين”، منتقدًا ما وصفه بـ“تحوّل الأغلبية الحكومية إلى ماكينة ميكانيكية للتصويت، بعيدة عن نبض المجتمع”.
وأكد في حينه أن استقالته كانت “تعبيرًا صادقًا عن تضامنه مع شباب هذا الوطن الذين خرجوا يطالبون بالعدالة الاجتماعية وكرامة العيش”.
غير أن تراجعه السريع جعل كثيرين يرون أن الطبقة السياسية لا تزال أسيرة منطق الحسابات الحزبية والولاءات التنظيمية، بدل أن تكون في صف الشارع الذي يطالب بالتجديد والمحاسبة.
ويرى محللون أن هذه الواقعة تكشف عمق الأزمة بين الجيل السياسي التقليدي والشباب المغربي الجديد، الذي بات يطالب بأفعال لا أقوال، وبمواقف ثابتة لا بيانات ظرفية.
فجيل “Z” الذي يملأ الشوارع اليوم، لم يعد يقنعه “الانسحاب الرمزي” ولا “الخطابات المسكّنة”، بل يبحث عن قادة يملكون الشجاعة للمضي في مواقفهم حتى النهاية.
وبين استقالة غير مكتملة وتراجع مثير للجدل، يجد حزب الأصالة والمعاصرة نفسه في موقف حرج داخل التحالف الحكومي، بينما تتعمّق الهوة أكثر بين الشباب والسياسة في بلد يعيش واحدة من أكثر لحظاته توتّرًا منذ سنوات.
تعليقات الزوار