برلمانية تفجّرها في وجه وهبي: تعويضات حوادث السير “عار تشريعي” عمره 40 سنة

هبة زووم – محمد خطاري
في جلسة برلمانية شابها التوتر داخل مجلس النواب، يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025، فجّرت البرلمانية قلوب فيطح قنبلة سياسية من العيار الثقيل في وجه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، متهمة وزارته بـ”التقاعس والتواطؤ الضمني” في الإبقاء على نظام تعويضات وُصف بأنه “مهين ومخزٍ”، يعود إلى أكثر من أربعة عقود مضت.
البرلمانية، عن فريق الأصالة والمعاصرة، لم تتردد في وصف المرسوم المؤطر لتعويضات حوادث السير لسنة 1984 بأنه “وصمة عار في جبين العدالة المغربية”، مؤكدة أنه لم يعرف أي تعديل منذ 41 سنة، رغم التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي عرفها المغرب.
وبينما تغيّرت الأجور والأسعار ومستويات المعيشة، بقيت تعويضات الضحايا مجمدة في زمن آخر، فيما تواصل شركات التأمين حصد أرباحها الطائلة على حساب معاناة الأسر المكلومة.
كشفت فيطح بالأرقام أن منهجية احتساب التعويضات ما تزال تستند إلى الحد الأدنى للأجر السنوي المحدد في 9270 درهمًا فقط، أي ما يعادل 772 درهمًا شهريًا — وهو رقم لا يليق حتى بالحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
الأمر الذي وصفته بـ”العبث القانوني”، خاصة أن مدونة الشغل تحدد الحد الأدنى للأجر بـ 3266 درهمًا شهريًا على الأقل، مما يجعل الفارق شاسعًا ويكشف غياب التنسيق بين القوانين الوطنية.
أما المفارقة الأكثر قسوة، تضيف فيطح، فهي أن التعويض عن وفاة إنسان في حادث سير لا يتجاوز 13.905 دراهم فقط — أي ما يعادل أقل من كلفة جنازة متوسطة في المدن الكبرى. مبلغ اعتبرته “صفعة في وجه العدالة الاجتماعية وإهانة لأسر الضحايا”.
مداخلتها القوية أربكت وزير العدل، الذي واجه انتقادات حادة من نواب المعارضة، اتهموه صراحة بـ”حماية مصالح لوبيات التأمين” و”التستر على تشريعات جائرة”، وطالبوا بإصلاح شامل يعيد الاعتبار لمفهوم العدالة التعويضية، ويواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
لكن وهبي — كالعادة — اختار الصمت، مكتفيًا بعبارات فضفاضة عن “دراسة الملف”، دون تقديم أي جدول زمني أو التزام سياسي واضح.
صمتٌ اعتبره المراقبون استمرارًا لـ”سياسة المماطلة والتبرير” التي تطبع أداء وزارة العدل في ملفات اجتماعية حساسة، خصوصًا تلك التي تمس العدالة الاجتماعية وحقوق الفئات الضعيفة.
مداخلة البرلمانية قلوب فيطح لم تكن مجرد لحظة برلمانية عابرة، بل تحوّلت إلى صرخة ضد منظومة تشريعية متقادمة لا تزال تُقوّم حياة الناس بمقاييس الثمانينيات.
صرخة تكشف عمق الفجوة بين الخطاب الرسمي عن “إصلاح العدالة” وبين واقع قانون يختزل قيمة الإنسان في بضع مئات من الدراهم.
ويبقى السؤال معلقًا كما طرحته فيطح بمرارة: “إلى متى سيبقى هذا القانون المهين وصمة عار على جبين العدالة المغربية؟ وهل تنتظر الوزارة أن تتحرك شركات التأمين بدلًا عنها؟”.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد