هبة زووم – الرباط
أكد المستشار البرلماني عن مجموعة العدالة الاجتماعية مصطفى الدحماني، في سؤال موجه لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، على أن الأراضي السلالية في المغرب تكتسي ابعاد تتجاوز الابعاد العقارية والاقتصادية فهي معطى ثقافي يسهم في تعزيز الانتماء للجماعات البشرية المكونة للهوية المغربية، فالأرض السلالية تعزز الانتماء الجماعي والقيم المشتركة لدى افراد يذوبون في هوية محلية منتمية الى هوية وطنية جامعة، ولعل هذه الابعاد هي التي جعلت هذه الأراضي مصدر ثروة الجماعات السلالية المغربية والمحفز الأساسي لأفراد هذه الجماعات للدفاع عن جماعتهم ومصالحها مع ما يثيره ذلك من صراعات حول هذه الأراضي تستمر الى يومنا هذا.
واعتبر منسق مجموعة العدالة الاجتماعية، في سؤاله، هذه الصراعات والمشاكل ناجمة بالأساس عن الانتقال الذي عرفه المغرب من اقتصاد عرفي جماعي إلى اقتصاد رأسمالي فردي، حيث اختارت فيه الدولة استهداف هذه الأراضي في مرحلة أولى بمشاريع استثمارية في إطار عقود الكراء وعقود التفويت، قبل ان تتجه مؤخرا لتصفية هذا النظام العقاري عبر تمليكه لأعضاء الجماعات السلالية نساءا ورجالا.
وأضاف الدحماني، في معرض سؤاله، على أن هذا الانتقال يطرح مشاكل مثيرة مرتبطة بالتحديد الإداري والتحفيظ وتحديد أعضاء الجماعات السلالية المستفيدة كما يطرح مشكل كبير مرتبط بالتفويتات على الشياع التي انتشرت في وقت سابق بين افراد من هذه الجماعات السلالية واشخاص من خارجها بواسطة عقود عرفية.
هذا، وقد تساءل الدحماني عن الإشكالات التي تعرفها الأراضي السلالية سواء في المدارات السقوية المحددة أو خارج هذه المدارات، خاصة ما يتعلق بحصيلة ورش تسريع تصفية الوضعية القانونية لأراضي الجماعات السلالية بالمغرب من أجل توفير ا العقار المُحفَّظ بصفة نهائية قصد الاستثمار الاقتصادي أو التمليك لفائدة أعضاء الجماعات السلالية.
وفي تعقيبه على جواب وزير الداخلية عن سؤال مساهمة الأراضي السلالية في التنمية، أكد المستشار البرلماني الدحماني أن تدبير أراضي الجماعات السلالية قد عرف في الفترة السابقة العديد من الإكراهات التي حالت دون تثمين هذه الأراضي ومن لاستغلالها بالشكل الأمثل في التنمية من بينها قدم الإطار القانوني الذي تم إقراراه منذ سنة 1919 ، تلاه إصدار الظهير الشريف رقم 1.69.30 بتاريخ 25 يوليوز 1969 والذي ظل غير مساير لمتطلبات التنمية المحلية بمختلف أبعادها، مما اقتضى إجراء إصلاح جوهري على هذه المنظومة بإصدار سلسلة من القوانين منها القانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية والقانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها والقانون رقم 64.17 الذي يهم الأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري مع إصدار النصوص التطبيقية لهذه القوانين وهو مجهود تستحق عليه وزارة الداخلية باعتبارها سلطة الوساطة التقدير والتنويه، كما نثمن إطلاق المخطط الاستراتيجي 2022-2026 الرامي إلى تثمين الأراضي السلالية وتمكين السلاليات والسلاليين من الاستفادة من عائدات هذا التثمين.
صحيح أن الإصلاح القانوني ساهم في معالجة العديد من الإشكالات، يقول مصطفى الدحماني، كما مكن من تصفية الوضعية القانونية للعقارات المملوكة للجماعات السلالية ومعالجة إشكالية التجزئة المفرطة للاستغلالات الفلاحية وإشكالية حصر الانتفاع منها وبصفة فردية ولغرض واحد هو ممارسة الفلاحة المعيشية دون إمكانية القيام باستثمارات فلاحية هامة عليها لتتعزز بذلك عملية تعبئة هذه العقارات من أجل الاستثمار من جهة ومباشرة عملية تمليكها لفائدة ذوي الحقوق بالإضافة إلى تمكين المرأة السلالية من حق الانتفاع سواسية مع الرجل، وهي طفرة حقوقية قطعت مع فترة الحرمان الذي كانت تعاني منها في الفترة السابقة.
غير أنه في المقابل برزت على مستوى بعض الجماعات السلالية عدة إشكالات مرتبطة بالأساس بالمنازعات الناشئة عن الأحقية في الاستفادة من عملية التمليك أو الانتفاع، وبمساطر كراء العقارات المعنية لأشخاص أو شركات أجنبية دون إقرار معايير تفضيلية لذوي الحقوق ممن أبدى استعداده للاستثمار في هذه الأراضي بالإضافة إلى السومة الكرائية.
وفي الأخير، اعتبر الدحماني على أن من الإشكالات التي ينبغي الانكباب عليها تمكين الجماعات السلالية من تثمين العقارات الواقعة داخل المجال الحضري واستغلالها في مشاريع استثمارية مع العمل على تفويتها وتمليكها على غرار الأراضي الواقعة داخل دوائر الري وأراضي البور.
تعليقات الزوار