هبة زووم – الرشيدية
بمجرد تعيين ممثل للسلطة المركزية بجهة درعة تافلالت، تتسابق النخب المحلية لتقديم فروض الطاعة قصد التقرب أكثر من مؤسسة الوالي لنسج علاقات إدارية تمكنها من تحصين مصالحها والحفاظ على امتيازاتها وتثبيت وجودها كقوة مؤثرة في المشهد السياسي في عملية لتحقيق التوازن والتعاون بين النخبة السياسية والنخب الادارية بالجهة.
غير أن هذه العلاقة غالبا ما يطبعها اختلال في التوازن في تدبيرها للشأن الجهوي على سبيل المثال، وهذا ما خلصت إليه مناقشة دكتوراه للطالب بودلاحة من خلال دراسة معمقة لنموذج الولاة ورؤساء مجالس الجهات في التدبير الترابي على المستوى الجهوي بالمغرب.
لقد أكدت انتخابات 8 شتنبر التي أزاحت بصفة نهائية حزب العدالة والتنمية من المشهد السياسي قوة رجال وزارة الداخلية في إعادة ترتيب الأوراق وفق رؤية تحددها المصالح العليا للمملكة.
وبما أن الوالي ممثل السلطة المركزية بالجهات وصاحب القرار السياسي والتنموي الاول فهذا يجعل من هاته النخب لا حول ولا قوة لها في اتخاذ أي قرار يخرج عن دائرة الوالي، خاصة أن المحطات الانتخابية السابقة أثبتت فشل هؤلاء في تنزيل الجهوية المتقدمة وفشلها في تنزيل مختلف البرامج الوطنية و في تفعيل باقي المخططات الاستراتيجية المرتبطة بالماء والسدود والنقل وغيرها.
وفي هذا السياق، شكلت جهة درعة تافلالت نموذجا حيا للفشل في تنزيل هاته المشاريع في عهد الوالي السابق الذي تميز بنجاحه في إزاحة حزب المصباح من المشهد السياسي بجهة درعة تافلالت، وهو النجاح الذي دفعت ساكنة تافلالت ثمنه غاليا بمساهمة كبيرة للنخب الماسكة لمقاعد التسيير في مشهد سوريالي دام 6 سنوات عجاف ومساهمتها في تعطيل التنمية بالجهة.
شكل رحيل الوالي السابق ضمن حركة انتقالية لمختلف الجهات صدمة كبرى لدى بعض النخب بمختلف تلاوينها، وبالأخص تلك التي حققت مكاسب لصالحها وما انفكت تهتف باسم الوالي في اتخاذ أي مبادرة تبدو في مصلحة الساكنة، وتنفس البعض الاخر الصعداء من عدم تجديد الثقة المولوية في استمرار الوالي السابق في منصبه على رأس ولاية الجهة.
وبين هذا وذاك غابت التنمية عن الجهة واستمر دعاة الاصلاح في ترديد خطابات البؤس لا من منصت، ومع تعيين الوالي الجديد سعيد زنيبر يسود الانطباع لدى ساكنة الجهة بأن الافضل قادم لتافيلالت مهد الدولة العلوية، وأن ساكنة هذا الربوع تستحق أفضل من خطابات سياسية تفك عنها التهميش والفقر والعزلة الجغرافية، وجهة تستحق رجل دولة ينصت للساكنة ويهديها ثقة ترقى إلى ثقة ملك البلاد لرعاياه الاوفياء.
نعم غادر الوالي يحضيه وحل مكانه الوالي زنيبر، الذي فضل اتخاذ مسافة بينه وبين النخب المحلية بصيغة أربكت هاته النخب وجعلتها في حيرة من أمرها رغم محاولاتها المتكررة لكسر هذا الجدار واستثمار علاقاتها المتشابكة مع مختلف المصالح الحساسة بالولاية، فقد سقط القناع عن النخب المتربعة على كرسي المجالس، ولم تعد مظلة الوالي الظل الذي يجنبهم المسائلة والمحاسبة، رغم استمرارها في البحث عن مختلف السبل التي تقربهم إلى كسب ود الوالي ورضاه، استعدادا للمرحلة الانتخابية المقبلة للظفر بمقعد سياسي والفوز برئاسة مجلس الجهة الذي بات يعد من أحسن المناصب السياسية في الانتخابات بدءا من حزب الاحرار، الذي قام بزيارة الوالي بمقر عمله كحزب يرأس أغلب المجالس المنتخبة بالجهة، كخطوة أراد من خلالها بعث رسالة إلى السلطات أنه الحزب الافضل في المشهد السياسي بالإقليم رغم الاخفاقات على مستوى الاداء بالجهة و متابعة عدد من منتخبيه أمام القضاء بالمغرب.

تعليقات الزوار