ارتفاع أسعار الطماطم بالمغرب: عبء ثقيل على المواطنين وإخفاق للمخططات الزراعية

هبة زووم – محمد خطاري
شهدت أسعار الطماطم في المغرب قفزات متتالية خلال الأيام الأخيرة، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام 9 دراهم في العديد من الأسواق.
هذا الارتفاع المقلق أضاف عبئًا جديدًا على الأسر المغربية التي تعتمد بشكل أساسي على هذه المادة الحيوية في غذائها اليومي، بعد أن كانت الطماطم واحدة من المنتجات الأكثر وفرة، أصبحت الآن رمزًا للأزمة التي تطال القطاع الزراعي في البلاد.
ارتفاع الأسعار لم يقتصر على الطماطم وحدها، بل شمل أغلب المواد الفلاحية الأساسية، البطاطس، البصل، والجلبانة، كلها شهدت زيادات أثرت بشكل مباشر على جيوب المواطنين، خاصة الطبقات ذات الدخل المحدود.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه المغاربة أن تسهم السياسات الزراعية في تخفيف الأعباء، كشف الواقع عن إخفاقات كبرى، أبرزها فشل المخطط الأخضر الذي كان يُنظر إليه كأحد أهم الاستراتيجيات الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
المخطط الأخضر، الذي رُصدت له مليارات الدراهم، كان يهدف إلى تعزيز الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، إلا أن نتائجه لم تواكب التطلعات، بدلاً من تحقيق الاكتفاء الذاتي، يجد المغرب نفسه اليوم مستوردًا لعدد من المنتجات الفلاحية الأساسية، وحتى اللحوم التي باتت عبئًا إضافيًا على الميزان التجاري.
ويرى المهنيون أن أسباب فشل هذه الاستراتيجية متعددة، أبرزها التركيز على زراعة المنتجات ذات القيمة العالية الموجهة للتصدير على حساب المنتجات الأساسية التي يحتاجها السوق المحلي، إضافة إلى ذلك، تأثرت الإنتاجية الزراعية بشدة بالتقلبات المناخية، مثل موجات الجفاف والبرد القارس، وغياب سياسات فعالة لإدارة الموارد المائية، مما فاقم الأزمة.
من جهة أخرى، أدى غياب الرقابة الكافية على سلاسل التوزيع إلى ظهور ممارسات احتكارية من بعض الوسطاء الذين يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر، مستغلين محدودية العرض.
النتيجة الحتمية لهذه العوامل كانت زيادة معاناة الأسر المغربية، التي لم تعد قادرة على تحمل تكاليف المعيشة المتصاعدة، فالطماطم، التي كانت جزءًا من الأطباق اليومية، باتت اليوم شبه غائبة عن موائد الكثير من المغاربة، رمزًا لما يصفه البعض بفشل السياسات التنموية في القطاع الزراعي.
في ظل هذه الأزمة، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر بشكل جذري في الاستراتيجيات الزراعية المتبعة، حيث أصبح المطلوب اليوم ليس فقط التركيز على الإنتاجية، بل ضمان عدالة التوزيع واستفادة المواطنين من خيرات بلدهم.
وحدها سياسات زراعية شاملة ومستدامة، تُوازن بين التصدير وتلبية احتياجات السوق المحلي، يمكنها أن تخفف من حدة هذه الأزمة وتعيد الثقة للمواطن المغربي.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد