هبة زووم – ياسر الغرابي
في تحذير قوي يثير القلق، حذر المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام من تزايد حالات الانتحار أو محاولاته بين صفوف التلاميذ في المؤسسات التعليمية، مشيرًا إلى أن هذا الواقع يعكس مؤشرات خطيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً من جميع الأطراف المعنية في المنظومة التربوية والاجتماعية.
فبدلاً من أن تكون المدرسة بيئة آمنة تدعم الصحة النفسية للمتعلمين، أصبح العديد من التلاميذ يشعرون بضغوط نفسية تؤدي بهم إلى اتخاذ قرارات مأساوية تهدد حياتهم.
ويعتبر المرصد أن العنف بكل أشكاله، سواء كان لفظيًا، جسديًا أو نفسيًا، هو أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى هذه الظواهر المقلقة، معتبرًا أن هذا العنف لا يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع، ويعكس غياب الوعي الكافي لدى بعض الفاعلين التربويين بخطورة التعامل القاسي مع التلاميذ في مرحلة عمرية تتميز باضطرابات نفسية واجتماعية.
ويؤكد المرصد أن أي أسلوب تعليمي يعتمد على العنف أو العقاب القاسي يجب أن يكون موضع نقد، في ظل ما يمكن أن يتسبب فيه من آثار سلبية على الصحة النفسية للطلاب.
وفي هذا السياق، شدد المرصد على ضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتوفير بيئة تربوية تحترم حقوق التلاميذ وتحميهم من كل أشكال العنف النفسي والجسدي. وأبرز في بلاغه مجموعة من النقاط الرئيسية التي يجب أن تتم مراعاتها في جميع المؤسسات التعليمية، وهي:
تعزيز التكوين النفسي والتربوي للأساتذة
يشدد المرصد على ضرورة تعزيز تكوين الأساتذة في مجال الصحة النفسية والتربوية لضمان تفاعلهم الإيجابي مع التلاميذ، وضرورة الابتعاد عن أساليب العنف أو الترهيب التي تؤثر على نفسيتهم، مما يساهم في تحسين سلوك التلاميذ ونتائجهم الدراسية.
إدماج الدعم النفسي والاجتماعي في المؤسسات التعليمية
يجب على المؤسسات التعليمية توفير أخصائيين نفسيين ومستشارين تربويين متمكنين، يعملون على مواكبة التلاميذ في الأزمات النفسية التي قد يمرون بها، ما سيسهم في تحسين صحتهم النفسية وتخفيف الضغوط عليهم.
تفعيل برامج توعية حول الصحة النفسية
يدعو المرصد إلى تكثيف برامج التوعية داخل المدارس، التي تركز على الصحة النفسية وكيفية التعامل مع الضغوط المدرسية، مع تشجيع ثقافة الحوار المفتوح حول المشاعر والمشاكل النفسية. وهذا يتضمن تعزيز ثقافة التواصل مع التلاميذ وجعلهم يشعرون بالأمان أثناء التعبير عن أنفسهم.
فتح قنوات تواصل دائمة بين التلاميذ والإدارة
يجب تفعيل قنوات تواصل مباشرة بين التلاميذ والإدارة التربوية تسمح لهم بالتعبير عن مشكلاتهم النفسية أو الدراسية دون خوف من العقاب أو الإقصاء. وهذا من شأنه أن يساهم في تحسين الوضع العام للطلاب ورفع مستوى التفاعل الاجتماعي داخل المؤسسة التعليمية.
التعامل بحزم مع أي شكل من أشكال العنف داخل المؤسسات التعليمية
يدعو المرصد إلى ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي شكل من أشكال العنف سواء كان مصدره الأساتذة أو الإدارة أو حتى من زملاء التلاميذ. فالمدرسة يجب أن تكون ملاذًا آمنًا للجميع بعيدًا عن أي مظاهر للإيذاء أو التنمر.
وفي ختام بلاغه، أكد المرصد على أن حماية الأطفال والشباب هي مسؤولية جماعية تتطلب تظافر جهود جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأسر، المؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني، من أجل توفير بيئة تربوية سليمة وآمنة تحترم كرامة التلاميذ وتحميهم من كل أشكال العنف النفسي والجسدي.
وطالب المرصد بإجراءات عاجلة للتصدي لهذه الظاهرة المتنامية، لضمان أن يظل التعليم في المغرب بيئة صحية، آمنة، وداعمة لجميع التلاميذ.
إن مسؤولية الحفاظ على صحة التلاميذ النفسية يجب أن تكون أولوية لجميع المعنيين، في وقت حرج تشهد فيه المؤسسات التعليمية زيادة في الضغوط النفسية والعاطفية على الشباب. ومن هنا، يتطلب الأمر التفاعل السريع والجاد لإنقاذ مستقبل الأجيال القادمة من السقوط في فخ العنف النفسي والاجتماعي.

تعليقات الزوار