هبة زووم – محمد خطاري
تشهد وزارة النقل، منذ تولي عبد الصمد قيوح حقيبتها الوزارية، تحولات جوهرية أثارت الكثير من الجدل، خاصة فيما يتعلق بأسلوب التسيير ونهج التدبير الذي بات يطغى عليه منطق الولاء الحزبي بدلاً من معايير الكفاءة والاستحقاق.
فبعد أن عُرفت الوزارة خلال فترة الوزير السابق محمد عبد الجليل بنوع من الصرامة والانضباط في اتخاذ القرارات، أصبحت اليوم محكومة بحسابات سياسية ضيقة، الأمر الذي تسبب في موجة من الغضب والاحتقان داخل أوساط الموظفين والأطر الإدارية.
قرارات الترقية.. بين الانتقائية والاحتجاجات النقابية
واحدة من أكثر القضايا التي فجرت الجدل داخل الوزارة هي قرارات الترقية التي اتخذها الوزير، حيث وافق على ترقية بعض الموظفين دون اللجوء إلى انتخابات اللجان المتساوية الأعضاء، وهو ما اعتبرته النقابات المهنية خطوة غير قانونية تعكس غياب الشفافية والعدالة في التعامل مع الأطر الإدارية.
ورأت النقابات أن هذا القرار يمثل إقصاءً ممنهجًا لفئات واسعة من الموظفين الذين كانوا ينتظرون الترقية وفق معايير عادلة، مستنكرة ما وصفته بـ”التمييز الإداري” الذي يخدم فئة معينة على حساب أخرى.
وفي هذا السياق، عبّر عدد من الموظفين عن استيائهم من تغييب آلية واضحة ونزيهة لتقييم الاستحقاق، وهو ما يجعل الوزارة فضاء مغلقًا أمام الكفاءات المستقلة وغير المنتمية إلى حزب الوزير.
ورغم المراسلات المتكررة من التنسيق النقابي داخل الوزارة، التي دعت إلى تأجيل قرارات الترقية الخاصة بسنوات 2022 و2023 و2024 إلى حين التوافق على معايير أكثر إنصافًا، إلا أن الوزير تجاهل هذه المطالب تمامًا، ما عزز الشعور بوجود نهج انتقائي يخدم مصالح محددة دون الأخذ بعين الاعتبار مبدأ تكافؤ الفرص بين الموظفين.
رفض لمقترحات الإصلاح.. وانعدام الحوار الاجتماعي
في محاولة لضبط معايير الترقية داخل الوزارة، اقترحت النقابات اعتماد نموذج شبيه بذلك المعمول به في وزارة التجهيز والماء، حيث تستند معايير الترقية إلى النقطة المهنية (40%)، الأقدمية في الدرجة (30%)، الأقدمية العامة (20%)، المسؤولية (10%)، مع منح 3 نقاط إضافية للموظفين الذين أدرجت أسماؤهم في لوائح الترقية السابقة دون أن يستفيدوا منها.
غير أن الوزير لم يبدِ أي استعداد لمناقشة هذا المقترح أو التفاعل معه، ما زاد من حالة الاحتقان داخل الوزارة، خاصة في ظل انعدام قنوات الحوار الاجتماعي بين الإدارة والموظفين.
واعتبرت النقابات أن تجاهل هذه المقترحات يعد استمرارا لمنهجية الإقصاء والتهميش التي أصبحت سمة بارزة في تدبير الوزارة، مشيرة إلى أن الموظفين يجدون أنفسهم أمام قرارات أحادية لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحتهم المهنية أو تطلعاتهم الوظيفية، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاجية داخل القطاع وخلق مناخ إداري غير مستقر.
تراجع عن التسيير الإداري لصالح الحسابات السياسية
إذا كان الهدف الأساسي لأي وزارة هو ضمان سير إداري سلس وعادل، فإن ما تشهده وزارة النقل اليوم يمثل تراجعًا خطيرًا عن هذه المبادئ، حيث أصبحت الحسابات السياسية والولاءات الحزبية تتحكم في قراراتها، على حساب المعايير المهنية التي تضمن العدالة والاستحقاق للجميع.
وبات الموظفون يشعرون بأن الوزارة لم تعد فضاءً إداريًا محايدًا، وإنما أصبحت امتدادًا لحزب سياسي بعينه، مما يثير تساؤلات عديدة حول مدى استقلالية القرارات داخل المؤسسات العمومية ومدى احترامها لمبادئ الحكامة الجيدة.
وفي ظل هذا الوضع، يطرح العديد من المتابعين تساؤلات حول مستقبل الوزارة، وما إذا كانت ستواصل هذا النهج القائم على الترقية الانتقائية والمحسوبية الحزبية، أم أنها ستتراجع عن هذه السياسات أمام الضغط النقابي والاحتجاجات المستمرة؟

تعليقات الزوار