هبة زووم – الرباط
يستمر الجدل الحاد حول المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، والتي تتعلق بإمكانية تبليغ الجمعيات عن قضايا الفساد، حيث فجرت هذه المادة نقاشات واسعة داخل اللجنة النيابية المكلفة بالعدل والتشريع وحقوق الإنسان.
وأعلن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال جلسة برلمانية، رفضه القاطع لأي تعديل على المادة المذكورة، مؤكداً أنه يمتلك “قناعة مطلقة” بشأنها.
وفي معرض دفاعه عن موقفه، قال وهبي إنه يسعى إلى إعادة الاعتبار للعمل السياسي، معتبرًا أن بعض الجمعيات تستغل شعار محاربة الفساد لممارسة الابتزاز.
وأشار إلى أنه يفكر في منح رؤساء الجماعات الترابية ورؤساء المجالس البلدية امتيازًا قضائيًا، وهو ما أثار استياءً واسعًا داخل البرلمان وخارجه، حيث اعتبر معارضو المادة أنها تكرس الحصانة لفئة معينة وتقلص من أدوار المجتمع المدني في مكافحة الفساد.
تصريحات وزير العدل أثارت مخاوف حقيقية من أن تكون هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى حماية رؤساء الجماعات من المساءلة، خصوصًا أن معظم الشكايات المتعلقة بالفساد تتوجه ضدهم.
فإبعاد الجمعيات عن التبليغ عن الفساد لا يمكن فهمه إلا كنوع من الحماية الضمنية لهؤلاء المسؤولين المحليين، وهو ما يعزز الشكوك حول نوايا الوزير الحقيقية.
وفي هذا السياق، تساءل نواب من المعارضة عن سبب إصرار وهبي على إغلاق باب التعديلات، معتبرين أن “القسم” الذي أدلى به الوزير لرفض أي تعديل هو تجاوز للمؤسسة التشريعية ومناقض لمنطق التشريع التوافقي.
وأبرز عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن المادة 3 بصيغتها الحالية لا تحل الإشكال، داعيًا إلى نقاش أوسع يشمل الأدوار الدستورية للمجتمع المدني في مراقبة المال العام.
وأشار إلى أن الدستور، في فصله 12، يمنح الجمعيات دورًا واضحًا في تقييم السياسات العمومية، مما يجعل المادة 3 بصيغتها الحالية متعارضة مع المبادئ الدستورية.
في المقابل، دعم نواب من فريق الأصالة والمعاصرة موقف وهبي، معتبرين أن الجمعيات أصبحت أداة لتصفية الحسابات السياسية، حيث وصف أحمد التويزي، رئيس الفريق، بعض هذه الجمعيات بأنها “شرذمة تسيء إلى جميع المؤسسات”، مؤكدًا أن المادة 3 تهدف إلى وضع حد لما وصفه بـ”عبث الوشايات الكيدية”.
ومع استمرار الجدل، يظل السؤال الأهم: هل يسعى وهبي حقًا إلى حماية العمل السياسي من التشهير والابتزاز، أم أن تحركاته تخفي نية مبيتة لحماية رؤساء الجماعات من المساءلة القضائية؟
هذا التساؤل يفرض نفسه بقوة في ظل تراكم قضايا الفساد التي تطال تدبير الشأن العام المحلي، مما يستدعي تدقيقًا أعمق في النوايا الحقيقية وراء هذه التعديلات التشريعية المثيرة للجدل.

تعليقات الزوار