هبة زووم – الرباط
في خطوة نادرة وغير مألوفة في العلاقات الدبلوماسية، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية طرد سفير جنوب إفريقيا في واشنطن، إبراهيم رسول، متهمة إياه بـ”كره أمريكا ورئيسها دونالد ترامب”.
هذا القرار جاء في إطار تصعيد دبلوماسي بين البلدين، وسط توترات سياسية واقتصادية متصاعدة.
وفي منشور على منصة “إكس” (المعروفة سابقاً باسم تويتر)، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: “ليس لدينا ما نناقشه معه، وبالتالي فهو يعتبر شخصاً غير مرغوب فيه”.
وأشار روبيو إلى أن السفير إبراهيم رسول يُعتبر “سياسياً يؤجج التوترات العرقية”، مما يجعل وجوده في واشنطن غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة.
هذه التصريحات تأتي في سياق توترات متنامية بين البلدين، حيث يبدو أن الخلافات السياسية والدبلوماسية قد بلغت ذروتها.
ويُعتقد أن هذه الخطوة تعكس استياء الولايات المتحدة من المواقف التي تبنتها جنوب إفريقيا مؤخراً، سواء على الصعيد الدولي أو في علاقاتها الاقتصادية مع واشنطن.
وعلى الفور، ردت حكومة جنوب إفريقيا بإجراءات اقتصادية صارمة ضد الشركات الأمريكية.
فقد أعلنت الحكومة الجنوب إفريقية تعليق عمل جميع الشركات الأمريكية داخل أراضيها، بالإضافة إلى إيقاف تصدير المعادن إلى الولايات المتحدة. وهذا القرار يعكس مدى الغضب الذي أثارته خطوة طرد السفير لدى السلطات الجنوب إفريقية.
جنوب إفريقيا، المعروفة بمواقفها المناهضة للهيمنة والتوجهات الاستعمارية، تعتبر هذه الخطوة الأمريكية استهدافاً مباشراً لسيادتها الوطنية ولدورها القيادي في القارة الإفريقية.
كما أن قرار وقف تصدير المعادن يُعد ضربة اقتصادية للولايات المتحدة، بالنظر إلى أهمية هذه الموارد في الصناعات التكنولوجية والعسكرية.
وتعو الأزمة الحالية بين البلدين تعود إلى عدة عوامل، منها التباين في المواقف السياسية، حيث تبنت جنوب إفريقيا، بقيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، مواقف مناهضة للسياسات الأمريكية في العديد من القضايا الدولية، بما في ذلك دعمها لفلسطين ورفضها للعقوبات الاقتصادية على دول مثل روسيا.
كما أن الاتهامات التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي للسفير إبراهيم رسول بـ”تأجيج التوترات العرقية” قد تكون مرتبطة بتصريحاته السابقة حول تاريخ العنصرية في الولايات المتحدة وانتقاداته للسياسات الداخلية للرئيس دونالد ترامب.
طرد السفير وإجراءات الرد من قبل جنوب إفريقيا قد يؤديان إلى تداعيات خطيرة على العلاقات الثنائية بين البلدين، فالخطوة الأمريكية قد تُضعف موقعها الدبلوماسي في إفريقيا، بينما قد تؤثر الإجراءات الاقتصادية لجنوب إفريقيا على الشركات الأمريكية العاملة في القارة.
كما أن هذه الأزمة قد تفتح الباب أمام تحالفات جديدة بين جنوب إفريقيا ودول أخرى، مثل الصين وروسيا، اللتين تسعيان لتعزيز نفوذهما في القارة الإفريقية على حساب النفوذ الأمريكي.
اليوم، يمكن القول أن التوترات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا تعكس صراعاً أكبر بين القوى العالمية والنفوذ الجيوسياسي في إفريقيا، فبينما تسعى واشنطن لحماية مصالحها، تؤكد جنوب إفريقيا أنها لن تتردد في الدفاع عن سيادتها ومواقفها السياسية.
ومع استمرار التصعيد، يبقى السؤال: هل ستتمكن الدبلوماسية من احتواء الأزمة أم أننا أمام فصل جديد من الصراعات الدولية؟

تعليقات الزوار