صراع النفوذ بقطاع التعليم في درعة-تافيلالت: إعفاء مديري الرشيدية وورززات يُعيد ترتيب البيت التربوي أم يُعمّق الأزمة؟
هبة زووم – محمد خطاري
في خضم التغييرات الإدارية التي شهدتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، برز اسم عبد العاطي الأصفر، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة-تافيلالت، كلاعب رئيسي في قرار إعفاء المديرين الإقليميين للرشيدية وورززات.
هذا القرار، الذي أثار جدلاً واسعًا في الأوساط التربوية والإدارية، كشفت مصادرنا أنه يأتي في إطار “إعادة ترتيب البيت التعليمي” بالجهة، وإبعاد الأسماء المرتبطة بالمرحلة السابقة.
عبد العاطي الأصفر: إعادة الهيكلة أم تصفية الحسابات؟
مصادر مقربة أكدت أن الأصفر، الذي يقود الأكاديمية الجهوية منذ فترة قصيرة، وضع نصب عينيه إعادة هيكلة القطاع عبر استبدال القيادات الإدارية التي تعتبر قريبة من الإدارة السابقة.
لكن هذه الخطوة لم تكن بمنأى عن الاتهامات بـ “تصفية الحسابات”، خاصة وأن المديرين المعفيين كانا يتمتعان بسمعة طيبة في تسيير مديريتيهما، وأثبتا كفاءتهما خلال سنوات عجاف عاشتها الجهة على وقع الفوضى الإدارية والتربوية.
وفي الوقت الذي تبرر فيه الوزارة هذه القرارات بضرورة “تصحيح المسار”، تشير مصادرنا إلى أن الأصفر قد يكون مدفوعًا بدوافع سياسية أكثر منها إدارية.
فالمديرين المعفيين يعتبرهما المدير الأصفر من الدائرة المقربة للمدير السابق، علي براد، ما يجعل القرار يبدو وكأنه محاولة لإبعاد كل من يُشكّل تحديًا أو يمثل رمزًا للإدارة السابقة.
محاولات تعيين الموالين
لم تتوقف خطوات عبد العاطي الأصفر عند حدود الإعفاءات، بل تشير مصادرنا إلى أنه يعمل على تعيين أحد الموالين له مديرا إقليميا لوزارة التربية الوطنية بالرشيدية.
هذا الموالي، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس مصلحة بالأكاديمية، هو شقيق أحد القيادات البارزة في حزب الأصالة والمعاصرة بإقليم الرشيدية.
هذا التوجه يعزز الشكوك حول وجود نية لتوظيف القطاع التربوي لتحقيق مكاسب سياسية، حيث يبدو أن الأصفر يسعى لترسيخ نفوذه عبر إدخال أسماء مرتبطة بشبكات ولائية وحزبية، بعيدًا عن المعايير المهنية والكفاءة.
الانتقادات تتصاعد
قرار الإعفاء أثار موجة غضب واستياء بين الفاعلين في القطاع، الذين اعتبروا أن العملية كانت غير شفافة ومبنية على اعتبارات شخصية وسياسية أكثر من كونها تستند إلى معايير موضوعية.
العديد من المديرين المعفيين أكدوا أنهم لم يتلقوا أي ملاحظات سلبية خلال فترة عملهم، وأن التقارير التي استند إليها القرار كانت مسيسة وغير دقيقة.
كما أعلنت بعض الجهات المستقلة عن نيتها الطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية، مطالبة بكشف الحقائق حول المعايير التي تم اعتمادها في عملية التقييم، وداعية إلى تحقيق مستقل لضمان الشفافية والعدالة.
هل يخدم القرار القطاع أم يُعمّق الأزمة؟
بينما تؤكد الوزارة أن هذه القرارات تهدف إلى تصحيح المسار وتحسين أداء القطاع، فإن الواقع يشير إلى أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
فالتركيز على النفوذ السياسي والولاءات الشخصية على حساب الكفاءة المهنية قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإداري، ويُضعف الثقة في المؤسسات التربوية.
وفي الأخير، يمكن القول أن قرار إعفاء المديرين الإقليميين للرشيدية وورززات يعكس صراع نفوذ واضح داخل قطاع التعليم بجهة درعة-تافيلالت.
وبينما يحاول عبد العاطي الأصفر إعادة ترتيب البيت التربوي وفق أجندته الخاصة، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى مشروعية هذه القرارات وهل ستخدم المصلحة العامة أم أنها مجرد خطوة أخرى نحو تعزيز النفوذ السياسي داخل القطاع.