هبة زووم – إلياس الراشدي
في ظل تصاعد الأزمات الداخلية، يجد حزب الأصالة والمعاصرة في الدار البيضاء نفسه أمام امتحان عسير، حيث تتزايد الأصوات الداعية إلى مراجعة شاملة لاستراتيجياته، لكن هذه الجهود تصطدم بواقع أكثر تعقيدًا، حيث تتوالى الفضائح، وتتعمق حالة الغضب الشعبي، مما يزيد من هشاشة موقع الحزب في المشهد السياسي المحلي.
تشير المعطيات السياسية إلى أن الحزب يواجه تراجعًا كبيرًا في شعبيته، خصوصًا بعد فشل عمدة المدينة نبيلة الرميلي في معالجة العديد من الأزمات التي تؤرق الساكنة.
هذا الوضع يفتح الباب أمام تصويت عقابي قد يُفقد الحزب تموقعه في الانتخابات المقبلة، مما يضع قيادته أمام خيارات صعبة لمحاولة تدارك الوضع.
ففي كواليس السياسة المحلية، يبدو أن المصلحة العامة والبرامج الانتخابية لا تحظى بنفس الأهمية التي تُمنح لـ الأصفار التي تسبق الفاصلة.
فبينما تتحدث الخطابات الرسمية عن “الكفاءة” و”الخدمة العمومية”، تجري الأمور في الخفاء على إيقاع المال السياسي، حيث يُحسم مصير المقاعد بقدرة المرشح على الدفع لا بقدرته على الترافع عن قضايا المواطنين.
المثير في الأمر أن بعض الوجوه التي ترشحت في مناطق أخرى، مثل برشيد، وعجزت عن تحقيق نتائج إيجابية هناك، باتت اليوم تنافس على تمثيل ساكنة الحي الحسني رغم عدم ارتباطها بالمنطقة، في مشهد يعكس اختلالات عميقة في آليات التزكية الحزبية.
رغم أن بيع التزكيات لا يُجرى في العلن، إلا أنه لم يعد سرًّا داخل الأوساط السياسية، فحسب مصادر محلية، هناك حديث عن “الفرْقَاشْ” داخل عمالة مقاطعة الحي الحسني، الذي يسعى إلى اختيار “الأنسب”، أو بعبارة أدق “الأقدر على الدفع”، حيث يُصبح المال هو المعيار الوحيد في انتقاء المرشحين.
وفي هذا السياق، يصبح التنافس داخل الحزب ليس على أساس الكفاءة أو النزاهة، بل على قدرة المرشح على تقديم المبلغ المطلوب، حيث يتلقى الوسطاء “التسبيق”، بينما تتم تصفية الإجراءات القانونية لاحقًا لإضفاء الطابع الرسمي على العملية.
“السياسة هي فن الممكن”، لكن يبدو أن الممكن هنا أصبح مرادفًا للمزاد العلني، حيث تُباع التزكيات كما تُباع الممتلكات، ويتم تحديد هوية المرشحين ليس بناءً على التزامهم بقضايا المواطنين، بل بناءً على قدرتهم على تقديم العروض الأعلى.
فهل سيتحرك الحزب لضبط هذه الممارسات واستعادة ثقة المواطنين؟ أم أن المقعد سيبقى سلعة تخضع لقانون السوق، حيث الرابح هو من يملك المال لا من يملك الكفاءة؟

تعليقات الزوار