“تدريب فوق رؤوس القُصَّر”: فضيحة تربوية تهز إحدى مدارس أزيلال

عمر أوزياد – أزيلال
في مشهد يقترب من العبث التربوي، شهدت إحدى المدارس الابتدائية بإقليم أزيلال واقعة صادمة، حينما تم تحويل أجساد التلاميذ إلى أدوات تدريب عملي في مجال الحلاقة، في انتهاك صارخ للكرامة والحق في الحماية الجسدية والنفسية داخل الفضاء المدرسي.
الواقعة، التي جرت في وضح النهار، أثارت موجة استنكار عارمة وسط أولياء الأمور والمهتمين بالشأن التربوي، بعد أن تبيّن أن تلاميذًا قاصرين خضعوا لحصص حلاقة على أيدي متدربين، في غياب أي مبرر بيداغوجي أو ترخيص قانوني واضح.
تخيل أن تدخل مدرسة فلا تجد فيها دروسًا في الرياضيات أو القراءة، بل مقصات وآلات حلاقة تعمل على رؤوس صغار، بعضهم لم يُتم بعد نمو جمجمته.
مدرسة تحولت إلى صالون حلاقة ميداني، والمتعلمون الصغار إلى “نماذج بشرية” لتجارب متدربين يبحثون عن شهادة في الحلاقة، على حساب براءة وكرامة التلاميذ.
وبينما تصف الجهات المنظمة هذا النشاط بأنه “شراكة في مجال التكوين”، يرى فيه متتبعون ضربًا لكل قواعد التربية والحقوق، وخرقًا واضحًا لميثاق الأخلاق التربوية.
فكيف يُسمح بإجراء تجارب مهنية على أطفال قُصَّر دون موافقة أولياء أمورهم؟ وأين تقف مسؤولية الإدارة التعليمية المحلية من هذا الانفلات الذي يختزل التلميذ إلى مجرد “رأس قابلة للتجريب”؟
“كايتعلمو الحلاقة فريوس اليتامى”، يقول المثل الشعبي المغربي، لكن المأساة أن المثل تحوّل في أزيلال من مجاز إلى واقع حرفي. واليتامى هنا لا يُقصد بهم فقط من فقدوا والديهم، بل أيضًا أولئك الذين فقدوا حماية الدولة، وردع المؤسسات، وصوتًا يدافع عنهم في الفضاء المدرسي.
الفضيحة تفتح الباب لسؤال أعمق: ما هو الحد الفاصل بين “الأنشطة التكوينية” و”الاستغلال غير المشروع للقاصرين”؟ وهل باتت المدارس في المناطق الجبلية الهامشية حقلًا مباحًا للتجريب المهني، فقط لأن أبناءها فقراء وبعيدون عن الأضواء الإعلامية؟
ثم، هل يستطيع مدير المؤسسة أو طاقمها التربوي تقديم أنفسهم كنماذج للتدريب؟ أم أن هناك فئة واحدة فقط مهيأة دائمًا لدفع ثمن أخطاء المؤسسات: التلاميذ المنحدرون من أسر معدمة، لا حول لها ولا قوة؟
في غياب أي تدخل عاجل من طرف وزارة التربية الوطنية، وفي ظل صمت مديرية التعليم الإقليمي، تبقى الواقعة وصمة عار في جبين من يفترض بهم حماية التلاميذ، لا تسليعهم. ويبقى شعار الوزارة: “مدرسة الإنصاف والجودة” حبراً على ورق في مدارس يُمارَس فيها “التكوين” فوق رؤوس الصغار دون إذن، ودون رحمة.
فهل تتدخل الوزارة لوقف هذا العبث، أم أن مدارس أزيلال ستتحول قريبًا إلى ورشات مفتوحة للنجارة، الكهرباء، وتقويم الأسنان أيضًا؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد