هبة زووم – فاس
في سابقة مثيرة خلال أشغال دورة ماي العادية لجماعة أولاد الطيب بعمالة فاس، تفجرت قضية رشوة علنية داخل قاعة الاجتماعات، بعدما اتهم المستشار الجماعي سعيد التويتي، زميله في الحزب ورئيس الجماعة عبد اللطيف مرتضى، بمحاولة شراء صوته الانتخابي بمبلغ مالي قُدّر بـ4 ملايين سنتيم.
وفي مشهد غير مألوف في المجالس المنتخبة، اختار التويتي أن يواجه الرئيس أمام الحاضرين والسلطات، حيث رفع في وجهه صورة لشيك بنكي قال إنه “الدليل الدامغ على محاولة التأثير عليه بالمال لتمرير قرارات المجلس”، مضيفًا بصوت مرتفع: “الرئيس منحني 4 ملايين سنتيم من أجل التصويت لصالحه، وقد صرفتها عمداً لأنه مرتشٍ”، وهي تصريحات وثّقتها عدسات الكاميرا الحاضرة، ما أضفى على الحادثة بعدًا فضائحيًا غير مسبوق في ساحة التدبير المحلي.
الواقعة أثارت موجة صدمة داخل الجلسة، وأحدثت توتراً كبيرًا في صفوف الحاضرين، خاصة وأن الطرفين ينتميان لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يعيش على وقع انتقادات متزايدة في أكثر من جماعة ترابية بالمملكة، حيث تبادل الطرفان الاتهامات، في لحظة اختلط فيها العمل المؤسساتي بنبرة التصفية السياسية.
وتزامنت هذه الحادثة غير المسبوقة مع إدراج نقطة في جدول أعمال الدورة تتعلق بمعاينة إقالة ثلاثة مستشارين، من ضمنهم التويتي نفسه، بسبب تجاوزهم الحد الأقصى للغيابات القانونية، وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت “الفضيحة” مجرد رد فعل على قرار العزل، أم أنها بالفعل دليل على اختلالات أعمق في طريقة تدبير الجماعة.
المستشار المعني رفض مغادرة الجلسة رغم إدراج اسمه ضمن لائحة المقالين، وصرّح أمام الباشا والحضور بأنه “لا يمكنه أن يصوت لرئيس يبدأ مساره بالفساد”، موجهاً اتهامات ثقيلة إلى المكتب المسير، دون أن يقدّم دلائل إضافية بخلاف الشيك المصور.
من جهته، لم يصدر عن الرئيس أي رد رسمي خلال الدورة، في وقت تتعالى فيه المطالب بفتح تحقيق من طرف النيابة العامة، لتحديد مدى صحة الاتهامات، والوقوف على ملابسات صرف الشيك وظروف تحريره.
وتأتي هذه الواقعة لتعمّق أزمة الثقة بين المنتخبين والرأي العام، في ظل اتهامات متكررة بتوظيف المال والنفوذ في تسيير الشأن المحلي، وتحوّل بعض الجماعات إلى ساحة صراعات داخلية، بعيدة عن أولويات المواطنين وهمومهم الحقيقية.
وفي انتظار نتائج أي تحقيق قد تباشره السلطات، تبقى جماعة أولاد الطيب تحت مجهر الرأي العام، وسط دعوات لمساءلة كل من تورط في استغلال المال العام أو حاول التأثير على قرارات المجلس خارج إطار القانون.

تعليقات الزوار