هبة زووم – أكادير
في مشهد سياسي يعكس انزلاقاً خطيراً في الخطاب العمومي داخل المجالس المنتخبة، تداولت صفحات فايسبوكية ومنصات التراسل الفوري “واتساب” شريط فيديو يحمل تصريحات منسوبة إلى إحدى نائبات رئيس جماعة أكادير المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار، تقول فيها ما مفاده: “لي ماعجبو حال إخوي المدينة”، وذلك في رد على الانتقادات الموجهة لبرنامج الأغلبية المسيرة للمدينة.
العبارة التي قوبلت بموجة غضب وذهول من قبل نشطاء ومدونين ومواطنين، تعكس، بحسب مراقبين، تحولًا مقلقًا في علاقة بعض المنتخبين بالمعارضة والرأي العام، في وقتٍ يُفترض فيه أن تشكّل المجالس المحلية فضاءً للحوار والتعددية، لا منبراً للوصاية والتهديدات المبطنة.
وفي هذا الإطار، أكد فاعل مدني في حديثه للجريدة على أن هذا النوع من التصريحات لا يمكن اعتباره مجرد “زلة لسان” أو “انفعال عابر”، بل هو مؤشر على ثقافة سياسية قائمة على الإقصاء والاحتكار، ترى في انتقاد الأداء الحكومي أو الجماعي نوعًا من العداء الشخصي أو الوطني، عوض أن تتعامل معه كحق مشروع مكفول دستورياً.
وأضاف، متحسرا على ما يقع، فالذين “لا يعجبهم الحال” لا يطلبون امتيازات، بل يمارسون حقهم في التعبير والمحاسبة، خاصة حين يتعلق الأمر ببرامج ذات تمويل عمومي وتُنفذ داخل مدينة يفترض أنها تسير نحو تحول حضري وتنموي شامل.
هذا، واعتبرت فعاليات من المجتمع المدني بأكادير على أنه من المؤسف أن يصدر هذا الخطاب من منتخبين يدّعون تمثيل الساكنة، في ظل دستور 2011 الذي بُني على قيم الديمقراطية التشاركية وحرية الرأي والمساءلة، فهل المطلوب من المواطن الصامت أن يُصفق، ومن المعارض أن يُغادر المدينة؟ ومتى تحوّلت أكادير إلى ضيعة حزبية لا مكان فيها سوى للمنخرطين؟
فالمدينة التي تُراهن على مشاريع ضخمة لإعادة التهيئة الحضرية وجذب الاستثمارات، لا يمكن أن تُدار بعقلية الإقصاء والولاء الأعمى، بل تحتاج إلى تدبير تشاركي، ينصت للمعارضة بقدر ما يُنصت للأغلبية، ويحترم ذكاء المواطن أكثر مما يخاف من انتقاده.
فأكادير ليست مشروعاً حزبياً، بل مجالًا ترابيًا مشتركًا لكل سكانه، بمختلف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية. ومن يعتبر النقد خروجًا عن الإجماع، فهو أول الخارجين عن منطق الديمقراطية
اليوم، يمكن القول على أن تصريحات من هذا النوع تستدعي توضيحًا عاجلًا من رئاسة المجلس الجماعي، كما تستوجب مساءلة سياسية وأخلاقية من طرف أحزاب الأغلبية، وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار، ذلك أن هيبة المؤسسات لا تُبنى بالسكوت على الانزلاقات، بل بالمحاسبة وتصحيح المسار.
ففي بلد يتطلع إلى ترسيخ الحكامة الجيدة والجهوية المتقدمة، لا مكان لخطاب “إما أن ترضى أو ترحل”، لأن الوطن يسع الجميع… والنقد هو ملح الديمقراطية لا عدوها.

تعليقات الزوار